إسرائيل بين نزعات الاستيطان واحتجاجات عائلات الأسرى
كتب: محرر الشؤون السياسية
تشهد إسرائيل في الساعات الأخيرة تصاعدًا داخليًا في الخلافات السياسية والأخلاقية على خلفية تعقّد ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، بالتزامن مع مواقف رسمية تُنبئ بتوجهات استيطانية في شمال القطاع، ما يعزز مخاوف الفلسطينيين والمجتمع الدولي من توجه استراتيجي نحو ضم أراضٍ جديدة تحت غطاء الحرب.
بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، فإن وزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين طالبوا وزير الدفاع بالسماح بجولات ميدانية في شمال غزة بهدف التحضير لاستيطان المنطقة، وهو تطور بالغ الخطورة يعكس نوايا متسارعة لترسيخ الاحتلال بدلًا من انسحابه.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه الاستيطاني يتزامن مع تضييق إعلامي لافت، حيث كشفت صحيفة هآرتس أن إسرائيل منعت القوات الجوية من السماح للصحفيين بتوثيق حجم الدمار في غزة، مهددة بوقف إسقاط المساعدات في حال نشر الفيديوهات.
وفي تطور داخلي لافت، قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة إن تصريحات وزير التراث باعتبار المخطوفين “أسرى حرب” تشكّل “فشلًا أخلاقيًا كبيرًا”، مؤكدين أن 80% من الإسرائيليين يؤيدون التوصل إلى اتفاق يعيد جميع المخطوفين.
وفي موقف أكثر حدة، اتهم زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان الحكومة بأنها قررت منذ زمن التضحية بالرهائن، مضيفًا أن ما قاله وزير التراث “يعكس ما تفعله الحكومة سرًا”، أما زعيم المعارضة فقد وصف المقترحات الحكومية بالتخلي العلني عن الرهائن، محذرًا من تداعيات أمنية ودبلوماسية.
كارثة غزة: حصار .. قصف .. ومجاعة
تزامنًا مع الانقسامات داخل إسرائيل، تتفاقم الكارثة الإنسانية في غزة؛ حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد 7 أطفال خلال 24 ساعة الماضية بسبب المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع إجمالي الضحايا إلى 154 بينهم 89 طفلًا.
كما سجلت 21 حالة استشهاد بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم، إضافة إلى قصف استهدف مدرسة الزهراء شرق مدينة غزة، أسفر عن سقوط شهيدين وفق مصدر في مستشفى المعمداني.
وفي تصريحات لمدير مستشفى الشفاء نقلتها الجزيرة، هناك 20 ألف طفل معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية المتقدم، وهو ما أكدته المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي بقولها إن “غزة على أعتاب مجاعة”، مشددة على ضرورة إدخال البضائع التجارية وليس فقط المساعدات.
وفي موازاة المشهد الميداني، أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سلسلة بيانات شديدة اللهجة، أكد فيها أن إسرائيل “تتبع استراتيجية منسقة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية”، وأن جميع المستوطنات “غير قانونية ويجب إنهاء الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة فورًا”.
كما اتهم المكتب الجيش الإسرائيلي بـ”التغاضي أو دعم هجمات المستوطنين”، وهو ما يُنذر بعواقب ديموغرافية وإنسانية مدمرة في الضفة الغربية أيضًا.
يتضح أن المشهد الإسرائيلي يشهد احتدامًا داخليًا بين أولوية الإفراج عن الأسرى وبين أجندات الاستيطان والتصعيد العسكري، في وقت تُحاصر فيه الحكومة بانتقادات داخلية وأممية متزايدة، ويعزز ذلك تآكل الرواية الرسمية الإسرائيلية أمام الداخل والخارج، بينما تتصاعد المعاناة غير المسبوقة في غزة، لتكون ورقة ضغط أخلاقية وسياسية لا يمكن تجاهلها طويلاً.