النجم محمد العرسان: الظروف لم تخدم جيلنا للوصول إلى كاس العالم
أجرى اللقاء - رئيس التحرير
النجم محمد العرسان:
•غادرت الملاعب مبكراً بسبب رباط صليبي
•إشغالي الأمانة العامة للاتحاد الأردني تجربة إضافية
•مواهب الرمثا تحتاج لمنظومة احترافية متكاملة
•مصطفى العدوان حاول استقطاب لاعبي الرمثا للفيصلي بحوافز مغرية
•الزعبي وسعدية وسليم وعباسي وتيم أفضل من شاركتهم بالمنتخب
•كأس العالم المقبلة فرصة لتسويق ” النشامى”
•الإعلام الأردني ساحة مباحة مستباحة
يعد من ابرز اللاعبين الذين شغلوا منطقة الوسط في عقد السبعينيات ومطلع الثمانينيات، على مستوى الرمثا والمنتخب الوطني.
صانع ألعاب من الطراز الرفيع، ما جعل مهاجمي الرمثا هدافين في المواسم التي شاركوا فيها بعيد عن النزق والخشونة، فأخلاقه العالية وثقافته الكروية وأداؤه الراقي وعلاقته النبيلة مع جميع اللاعبين، ميّزته نجماً ساطعاً في الملاعب الأردنية والعربية، ولكن الإصابة اللعينة أبعدته مبكراً وبعمر ٢٢ عاماً.
الملاعب الترابية وما فيها من حصى وحجارة في بلدته الرمثا كانت “أرضاً خصبة” ليفرّغ فوقها طاقته الطفولية مع أقران سنّه في المدرسة، ومكنته من الظفر ببطولات المدارس ثم تمثيل النادي والمنتخب لاحقاً.
النجم محمد العرسان ينثر لـ (العقبة اليوم) بعضاً من تجربته الرياضية الغنية، الحافلة بالإنجازات، ويجيب على جميع الاسئلة بابتسامة وهدوء، وفي الحقيقة أن خلف هدوئه، عاصفة لا يدري بها إلا من تعاملوا معه وحاولوا أن يؤثّروا على طبعه ونزاهته، ولكنهم لم يفلحوا، وفي هذه الجزئية، واحتراماً لشخصك “ابو زيد” وأخلاق المهنة، تجاوزناه بعدم النشر.
-من أين بدأت رياضياً؟
مع أصدقاء الطفولة في الفرق الشعبية التي كانت تتابعها جماهير غفيرة، ومع زملاء المدرسة كنت اشاركهم لعبة كرة القدم، ساعدتنا الساحات الواسعة والملاعب الترابية التي تتناثر عليها الحجارة والحصى، فأفرغنا طاقتنا في هذه اللعبة وأشبعنا رغبتنا فيها لساعات يومية طويلة.
ولوجود مدرسّي مادة الرياضة الحريصين على تعليمنا المهارات الأسياسية (محمد خير ديباجة، وفتحي الزعبي)، مكّن فريق مدرسة الرمثا الثانوية بالفوز ببطولة محافظة اربد، ثم بطولة مدارس المملكة رغم اللاعبين المميزين في عمان، أمثال باسم مراد وميلاد عباسي وخالد عوض، وغيرهم الذين شاركتهم في المنتخب المدرسي في أثناء الدورة المدرسية العربية، ولاحقاً مع المنتخب الوطني.
واستطيع القول إن ٩٠٪ من عناصر مدرسة الرمثا مثلوا الرمثا الذي صعد من الدرجة الثانية إلى الأولى (الممتاز)، فقد التحقت بالفريق الأول للنادي وعمري ١٥ عاماً، بعد أن حُرم عدد من اللاعبين الأساسيين عقب خسارة الفريق أمام الفيصلي ٢/٠ في دوري ٧٦-٧٧، فكانت المشاركة الاولى لي ولزميلي راتب الداوود وناجح ذيابات أمام الاهلي بقيادة المخضرم حسونة يدج وتعادلنا ١/١.
كما خسرنا اللقب والمباراة أمام الاهلي عام ٧٨ بهدف مقابل هدفين.
وكنت لعبت لمنتخب الشباب والاولمبي والأول، وشاركت المنتخب الأولمبي في أولمبياد موسكو عام ٨٠ بقيادة المدرب داني ماكلين.
هذا المدرب كان ابرز المدربين الذين استقدمهم الأردن، وقد فاجأني وفريق الرمثا، بإحصائية الفريق الذي سجل ٤٦ هدفاً في دوري عام ٧٨، كان نصيبي منها ٨ أهداف وصناعة ٢٨ هدفاً.
-هل تلقيت عروضاً من أندية؟
كانت الاندية تطبق تعليمات مخالفة لقانون اللعبة، عندما كان تحرير أي لاعب لا يتم إلا بموافقة الادارة.
ولأننا في الرمثا كنا مميزين، فقد كانت محاولات الفيصلي بقيادة المرحوم مصطفى العدوان لا تتوقف، ومن إحدى المحاولات ارسل لنا ذات يوم حارس الفريق والمنتخب الوطني الصديق ميلاد عباسي للتفاوض مع المرحوم وليد الشقران وراتب الداوود وسامي السعيد وأنا، وكان العرض مغرياً جداً في حينه، راتب شهري ٥٠٠ دينار، وسيارة وسكن وتكاليف الدراسة الجامعية،لكل منا، ولكننا رفضنا العرض لانتمائنا للرمثا.
وفي هذا السياق، ذهبنا الأربعة إلى العراق للعلاج بإشراف الطبيب فالح فرنسيس الذي كان يشرف على معالجة المنتخب العراقي، وعلمنا أن رئيس الاتحاد الأردني المرحوم معن ابو نوار ونائبه المرحوم مصطفى العدوان موجودان في احد فنادق بغداد بمهمة رياضية، ولإعجاب العدوان بلاعبي الرمثا، قال لأبو نوار “لو عندي بالفيصلي هؤلاء اللاعبين، لضمنت البطولة لـ ١٠ سنوات، وأنا أضع (رِجل على رِجل) “.
-لماذا لم يتأهل جيلكم لكاس العالم؟
ليس انحيازاً للجيل الذي مثلت معه المنتخب الوطني، وكان من خيرة اللاعبين في الأردن، فهناك أجيال سبقتنا، ولم يتحقق لها حلم التأهل، وهذا يعود لظروفنا الحياتية والرياضية، حيث العمل والدراسة وليس التفرغ، وكذلك عدم وجود بنية تحتية شاملة.
والاهم، أن نظام التأهل كان مختلفاً من حيث عدد المقاعد المخصصة لمنتخبات القارة الآسيوية وعدد الفرق التي تتأهل إلى البطولة، ناهيك عن الإمكانيات التي لدينا مقارنة بالمنتخبات العربية والآسيوية.
-قصة الرباط الصليبي؟
كانت لنا مباراة مع الفيصلي واستطعنا الفوز بها بنتيجة كبيرة بلغت ٣ أهداف دون رد، وخلالها تعرضت لإصابة من أحد لاعبي الفيصلي، أبعدتني عن الملاعب ٦ أشهر، حيث اجريت فحوصات في بلغاريا، وكان الخطأ أن لعبت وأنا مصاب. وبعد انتهاء دوري ٨١ أخذني المدرب جورج بلوس إلى أسكتلندا للتعايش مع نادي داندي حيث اجريت عملية جراحية وتم تأهيلي مع هذا النادي.
دوري ٨٢ كانت للرمثا مباراة مع القادسية، غاب عنها المدافع سامي السعيد بسبب الإصابة، فأشركني المدرب بديلاً عنه، وأثناء اللعب كانت كرة عالية أمام المرمى، طار لها من خلفي الحارس غازي الياسين بمشاركة مهاجم القادسية المرحوم بدر الخطيب، فحاولت تفاديهما لأسقط على الارض بطريقة التوائية و كانت نهاية مشواري مع كرة القدم.
-لماذا لم تدرس الرياضة؟
كانت رغبتي بدراسة السياسة، وفي البداية في جامعة اليرموك التي تأسست حديثاً، وكان المرحوم د. محمد خير مامسر عميداً لشؤون الطلبة ومديراً للنشاط الرياضي، إلا أنني فضلت الانتقال إلى الجامعة الأردنية وفيها درست إدارة أعمال.
-التجربة التدريبية؟
بدأت عندما كانت هناك توأمة لنادي الرمثا مع نظيره الوحدات، فقد رشحني النادي للمشاركة في دورة تدريبية تعقد في يوغسلافيا، وكان الوحدات رشّح لها الكابتن خالد سليم،إذ تعايشنا هناك مع ناديي بارتيزان والنجم الأحمر لمدة ثلاثة أشهر.
وفي مرحلة تسلم بها جلالة الملك عبدالله (كان أميراً) رئيساً لاتحاد كرة القدم، طلب عضو الاتحاد حينها، المرحوم د.بسام هارون، اللاعبين القدماء محيي الدين حبيب( حدو) وابراهيم سعدية ونبيل التلي وأنا، للجنة الفنية بالاتحاد لمتابعة المنتخبات الوطنية ومرافقتهم وكان ذلك عام ١٩٩٧.
وفي عام ٢٠٠٤، جرت انتخابات للاتحاد فتم انتخابي عضواً بمجلس ادارة الاتحاد عن مقعد اللاعبين، اضافة للعمل في اللجان الفنية للاتحاد وفي مجلس الاتحاد العربي واللجان الآسيوية، قبل أن
يتم تعييني عام ٢٠٠٧ أميناً عاماً حتى ٢٠٠٩ وإلى أن انهيت عملي من الاتحاد ٢٠١١، وكانت هذه الخدمة بمثابة تجربة إضافية في العمل الرياضي.
-ماذا عن العمل الخاص؟
خضت عام ٢٠١٢ تجربة مشروع استثماري، وهو تأسيس أكاديمية للنشء الموهوب ببلدتي الرمثا، ولكن الأمور المادية وظروف العمل حالتا دون الاستمرار فيه.
خلال ٢٠١٣- ٢٠١٥ كنت أعمل في شركة وائل شقيرات ، وهو شخص يشجع ويدعم الرياضة والرياضيين، لأنتقل بعدها مديراً لفريق الحسين ٢٠١٥-٢٠١٦.
عدت للنادي في المرحلة الثانية بعد أزمة كورونا، وكان في عهد رئيس النادي عامر أبو عبيد عام ٢٠٢٢، ولم استمر لظروف خاصة بي.
-مواهب الرمثا كيف يمكن استثمارها؟
الأردن فيه مواهب اللعبة، ولكن الرمثا تمتلك عناصر تعشق كرة القدم، بعد أن وجدت نفسها في فرق شعبية تحضر مبارياتها الأهالي من رجال ونساء، وفي ساحات شاسعة وفرق مدرسية وناد اسمه الرمثا.
قد يكون هذا الكلام في مراحل سابقة، ولكن هذه المواهب مع تغير الظروف، تحتاج إلى رعاية مختلفة عما كنا عليه في السابق.
عام ١٩٩٣، طالبنا نحن أبناء النادي القدماء، بأن يستقدم الرمثا جهازاً فنياً أجنبياً، لتدريب المواهب الناشئة، يساعد هذا الجهاز فنيون من النادي، ويتواصلون مع مدرسي الرياضة في اللواء للكشف عن هذه العناصر، وبدعم من رجال الأعمال، وانتهاء باستثمار هؤلاء المميزين ليمثلوا فرقاً للنادي، واتاحة فرص الاحتراف محلياً وخارجياً، فلم تلق الفكرة قبولاً، بسبب عدم توافر العنصر المالي.
-رأيك في الاحتراف الأردني؟
الاحتراف منظومة شاملة ، ادارات، لاعبون، أجهزة فنية وإدارية وطبية، تسويق، إعلام، بنية تحتية.
في الأردن هذا لا نجده، وإنما نراه شكلاً، فالكل له ارتباط بعمل او وظيفة يتقاضى منهما راتباً، والأصل أن يكون كل من في هذه المنظومة، يتقاضى مردوداً مالياً من ذات المؤسسة، انحاداً أو نادياً، وهذه المؤسسة لها مشاريعها الاستثمارية التي تزودها بالعائد المادي.
وإذا ما نظرنا إلى الاتحاد، والأندية، فأين مشاريعها وأين ملاعبها، حيث تتبع الملاعب لوزارة الشباب، وهذا مجرد مثال؟.
وعلى ذكر الملاعب، فقد صارت تشكل عبئاً على اركان اللعبة، من حيث الاستخدام، في الوقت الذي تتحمل فيه المسؤولية الوزارة، وهذه ليست مؤسسة ربحية وتنطبق عليها شروط الاحتراف باعتبارها مؤسسة رسمية تتبع للحكومة.
ويقفز إلى ذهني سؤال حول الملاعب، وهو لماذا استبدلت أرضيات بعض الملاعب من العشب الطبيعي إلى الصناعي، مثل ملعب مجمع الأمير هاشم بن الحسين في اربد، وملعب الأمير محمد بالزرقاء، وأين تجهيز ملعب الأمير الحسين بالسلط، وملعب الامير علي بالمفرق؟
هناك من عزا هذا الأمر إلى قلة المياه، وهو سبب في رأيي غير مقنع.
-مكاسب تأهل الأردن لكأس العالم ٢٠٢٦؟
في الجانب الإعلامي، بالنسبة للأردن، يعد تأهل ” النشامى” للبطولة المقبلة، سمعة مضافة للوطن، لأن العلم الأردني سيكون من بين ٤٨ علماً ترتفع لأول مرة في بطولات كأس العالم، وأن العالم أجمع سيتابع هذا الحدث الكبير، وأعتقد هذا ما سيخدم الأردن سياحياً.
فنياً، في ظل المنتخبات المشاركة، فإنه من الممكن أن تتأهل منتخبات تتقارب مع منتخبنا في الأداء، وتحقيق نتائج إيجابية، وكذلك عند ملاقاة منتخبات كبيرة ولها تاريخها في كأس العالم فإن منتخبنا سيكتسب خبرة جديدة ويفتح المجال للتعرف على طرق مختلفة في الأداء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن كرة القدم لها مفاجآتها التي لن تنتهي.
أما فوائدها للاعب الأردني، فالبطولة تتيح للاعبين فرص التسويق عالمياً وليس على مستوى المحيط العربي أو القاري الآسيوي، وفتح أبواب الاحتراف للاعب في المنتخب الأولمبي وفي الاندية الأخرى.
-كيف ترى الإعلام الأردني؟
الصور التي تظهر في هذا الفضاء، من حيث الشكل والمضمون والمحتوى والسلوك، وبجميع الأشكال الإعلامية، للأسف، صور تسيء للمهنة وللأشخاص الذين يعملون فيها.
زاد في هذه السلبية والإساءة، أن الإعلام صار ساحة مباحة مستباحة، وعلى الصعيد الشخصي، فأنا أنفر منه، لإنه إعلام ابتعد عن رسالة التنوير، وانحرف إلى الإساءة والتشهير وتقديم المصلحة الشخصية، والبحث عن الشعبوية، وهناك من “أرخص نفسه”.
-… والجمهور؟
عليه أن يتزود بالثقافة الرياضية التي تؤكد ضرورة أن يكون جمهوراً داعماً معنوياً ومادياً للأندية التي يشجعها، عند الفوز والخسارة، ولأن اللاعب أياً كان، فإنه يتأثر بالجمهور، إذا ما كان ضده أو لصالحه، وأن مستواه الفني يتأثر من مباراة لأخرى، ولا يوجد لاعب أو فريق يستمر اداؤه بالتصاعد أو الثبات.
-رأيك بإدارات الاندية السابقة؟
بالمنظور العام، كانت ادارات على قدر المسؤولية، رغم تباين السياسات الإدارية من ناد إلى آخر، ولكني كنت معجباً بإدارة النادي الفيصلي التي قادها المرحوم الشيخ مصطفى العدوان، وجعل للنادي سمعة واسعة وللاعبين شخصية رياضية من خلال التعامل معهم ودعمهم وحل مشكلاتهم، من جهة، وأنه كان محباً لجميع لاعبي الاندية ومتواصلاً مع إدارات الاندية الأخرى، وتحترمه الجماهير، إلى جانب شخصيته ونفوذه الرسمي والشعبي والرياضي.
وعندما اقول محباً لجميع اللاعبين، فقد استعصى عليّ أمر التوظيف في الجامعة الأردنية، وعندما ذهبت اليه في النادي، انتهت المشكلة خلال ٢٤ ساعة.
-من تفضِّل من المدربين؟
على صعيد النادي كان للمدربين الأجانب (جورج بلوس وبول كامينج) دور في صقلنا مهارياً، اما المدرب داني ماكلين فأرى أنه افضل مدرب أشرف على المنتخب الوطني بدنياً وتكتيكياً، فيما على الصعيد المحلي، يعد المرحوم المدرب مظهر السعيد.
-أفضل من لعبت إلى جانبهم في المنتخب؟
معظم اللاعبين، ولكن كنت معجباً بخالد الزعبي وخالد سليم وابراهيم سعدية وميلاد عباسي وباسم تيم، وبقيادة اللاعب نبيل التلي للمنتخب وحسن تعامله مع الزملاء.
-موقف طريف واجهك؟
في إحدى مباريات المنتخب مع نظيره البحريني في المنامة تعرضت لإرتطام في الرأس من الخلف، فشعرت بالإغماء وعندما تم معالجتي طلب مني المعالج معرفة عدد الأصابع التي أشار بها إلي، أجبته اجابة صحيحة وما أن دخلت الملعب توجهت إلى مرمى منتخبنا وكان الحارس ميلاد عباسي، ليعود المدرب ويطلب خروجي واستبدالي.
-من تشجع من أندية العالم؟
أنا استمتع بالأداء، بغض النظر عن النتيجة، وبالتأكيد أجد المتعة في أداء برشلونة، سواء فاز أو خسر مباراة أو بطولة.