كيف انتهت رحلة عمل أردني إلى موسكو بالموت على جبهات القتال
كيف انتهت رحلة عمل أردني إلى موسكو بالموت على جبهات القتال
نجله روى لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل «تجنيده» عبر «تلغرام»
محمد خير الرواشدة
العقبة الإخباري– روى الابنُ الأكبر للأردنيِّ رائد رمزي صبري حماد، أحدِ الأردنيَّين اللذين قُتلا وبعد تجنيدهما
من قبل الجيش الروسي، تفاصيل صادمة عن رحلة والده إلى موسكو، التيانتهت بوفاته بوصفه «جندياً مع الجيش الروسي».
وتحدّثت «الشرق الأوسط» مع أواب حماد عن رحلة والده، بعد ساعات من دعوة وزارةالخارجية الأردنية المواطنين إلى «الإبلاغ عن أيّ محاولات لتجنيدهم في الجيشالروسي»، ومطالبتها السلطات الروسية بـ«التوقف عن تجنيد الأردنيين».
وقال أواب حماد لـ«الشرق الأوسط» إن والده، الذي غادر إلى موسكو في شهرأغسطس (آب) الماضي للعمل في وظيفة إدارية بوزارة الدفاع الروسية، أبلغ أسرته بعدأيام قليلة من وصوله بأنه انتقل إلى الجبهة للقتال في صفوف الجيش الروسي، قبل أنتنقطع أخباره مع نهاية الشهر ذاته.
وأكّد حماد أن والده، البالغ 54 عاماً، لم يسبق له أداء الخدمة العسكرية الميدانية في«القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)»، وأن خبرته تتركّز في الأعمال الهندسيةالتي مارسها خلال سنوات عمله. وأضاف أن والده، بعد توقفه عن العمل مؤخراً، قرّرالبحث عن وظيفة خارج البلاد تتناسب مع مهاراته.
- عروض عمل على «تلغرام»
كشف أواب حماد عن أن والده تقدّم لوظيفة إدارية أُعلن عنها عبر مجموعات علىتطبيق «تلغرام» تنشر عروض عمل في وزارة الدفاع الروسية. وبعد قبول طلبه، غادرعمّان إلى موسكو، ليتبيّن لاحقاً أنه جرى تحويله إلى جندي ضمن الجيش الروسيووضعه على جبهة قتالية ضد الجيش الأوكراني.
ويضيف حماد أن والده، الذي أخبر الأسرة بانتقاله من موسكو إلى وحدة قتالية علىالجبهة، لم يُوضّح كيفية تحوّله من وظيفة مدنية إلى مهمة عسكرية، وأن اتصالاتهبدأت تتقلّص تدريجياً، ولم يعد قادراً على الإطالة في الحديث. وانقطعت الاتصالاتتماماً في 25 أغسطس الماضي، وفق ما قال.
ويروي حماد أن الأسرة تواصلت مع وزارة الخارجية الأردنية لمعرفة مكان وجودوالدهم، إلى أن وصلهم خبر وفاته في 25 سبتمبر (أيلول) الماضي، لتبدأ رحلة البحثعن تفاصيل مقتله ومكان جثمانه.
وفي غياب تفاصيل وفاة رائد حماد، طالبت الأسرة، عبر سفارة الأردن في موسكو، بنقلجثمانه إلى عمّان لـ«دفنه وإقامة بيت عزاء له بين أهله».
وكشف حماد عن أن عدداً من أفراد عائلته غادروا أيضاً إلى موسكو عبر عروض عملتقدّموا لها من خلال مجموعات «تلغرام»، مرجّحاً أن عدد الأردنيين الذين وقعواضحية «عمليات نصب» مشابهة لتلك التي تعرّض لها والده، قد يبلغ «نحو 400 مواطن»، على حدّ قوله.
وكانت مديرية العمليات والشؤون القنصلية في وزارة الخارجية كشفت، الخميس، عنمقتل مواطنَيْن أردنيَّيْن اثنين بعد تجنيدهما للقتال مع الجيش الروسي.
وقالت الوزارة، في بيان، إنها تتابع من كثب عمليات «تغرير بمواطنين أردنيين من قِبَلجهات خارجية بغرض التجنيد غير الشرعي؛ مما يُعدّ مخالفةً للقانون الأردني والقانونالدولي، وتعريضاً لحياة المواطنين للخطر».
وأهابت الوزارة بالمواطنين «الإبلاغ عن أيّ محاولات لتجنيدهم في الجيش الروسي»،محذّرة من التعامل معها «لما في ذلك من خطر على حياة المواطنين، وما يمثّله منخرق للقانون». كما أكّدت مطالبتها السلطات الروسية «التوقف عن تجنيد الأردنيين،وإنهاء تجنيد أيّ مواطن أردني جُنِّد سابقاً»، ملوّحة باتخاذ «كل الإجراءات المتاحةلوقف هذه العملية».
وحذّرت الوزارة من وجود جهات تعمل عبر الإنترنت على تجنيد الأردنيين، مؤكدة أنهاتتابع هذه الجهات بالتنسيق مع المؤسسات الوطنية لـ«اتخاذ كل الإجراءات القانونيةوالدبلوماسية لوقفها وتطبيق القانون عليها»، نظراً إلى ما يشكّله «التغرير بالأردنيينوتجنيدهم في جيش أجنبي من مخالفة جسيمة للقانون الدولي، والالتزامات الدولية،والقانون الأردني الذي يجرّم الانخراط في جيش أجنبي».
- أساليب التجنيد
ويقيم مئات الأردنيين في روسيا، وقد درس أكثر من 20 ألف أردني في جامعاتومعاهد روسيا والاتحاد السوفياتي سابقاً، وفق بيانات غير رسمية نقلتها «وكالةالصحافة الفرنسية». وعند بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، قال وزير الدفاع الروسيآنذاك، سيرغي شويغو، إن هناك 16 ألف متطوّع من الشرق الأوسط مستعدين للقتالإلى جانب قوات موسكو. فيما أفادت تقارير بأن نحو ألفَي جندي سوري نظامي توجّهواإلى روسيا في ذلك الوقت للقتال.
وفي تقرير نشر خلال وقت سابق من هذا الشهر، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» استدراج شباب عراقيين للانضمام إلى صفوف الجيش الروسي عبر مجموعات«تلغرام». وقالت «الوكالة» إن عروض التجنيد تشمل راتباً شهرياً قدره 2800 دولار،إضافةً إلى مسار للحصول على جواز سفر روسي، وتأمين صحي، ومعاش تقاعدي، فضلاًعن التعويض في حال الإصابة.
ولا تقتصر جهود تجنيد مقاتلين أجانب على منطقة الشرق الأوسط؛ إذ تُستخدم أساليبمماثلة لتجنيد شباب من آسيا الوسطى والهند وبنغلاديش ونيبال، وكذلك من كوبا التييتراوح عدد مواطنيها على خطوط الجبهة في أوكرانيا بين 5 آلاف و20 ألف مجنّد، وفقمركز «أتلانتيك كاونسل» الأميركي.