ماذا يخبرك البلغم عن صحتك؟
تحمي أعضاء الجسم مادة لزجة تُسمى “المخاط”، وعندما يعاني الجسم من المرض يزداد إفرازه، فيصبح أكثر كثافة وقد يتغيّر لونه فيتحول إلى الأبيض أو الأخضر أو الأصفر، أو حتى البني، بعد أن كان شفافًا. وعندها يُطلق عليه اسم “البلغم”. فما هو البلغم؟ ومتى يجب أن نقلق بشأنه؟
ينتج المخاط بواسطة خلايا خاصة داخل النسيج الذي يُبطّن الأعضاء والتجاويف والأسطح في الجسم، والتي تُعرف بالبطانة الظهارية، وتشمل العينين والفم والممرات الأنفية والرئتين، وتُفرز هذه الخلايا المخاط باستمرار.
ويعمل هذا المخاط كمادة زلقة تمنع جفاف الأنسجة، وكحاجز مادي يحجز جزيئات مثل الغبار ومسببات الحساسية والبكتيريا، كما يعمل كحاجز مناعي يحتوي على جزيئات مختلفة مضادة للميكروبات، قادرة على القضاء على مجموعة واسعة من البكتيريا والفطريات وحتى الفيروسات.
ويُعرَف البلغم بأنه كمية زائدة عن المعدل الطبيعي من المخاط الكثيف الذي تُنتجه الخلايا المُبطّنة للمجاري الهوائية العليا والرئتين، وقد ينجم تراكم البلغم عن عدوى أو تهيج أو مرض رئوي مزمن، وقد يسبّب ألمًا في الصدر وسعالًا.
لماذا يزيد إنتاج المخاط عند المرض؟
تُعد خلايا البطانة الظهارية أحد خطوط الدفاع الأولى للجسم عند الإصابة بعدوى، فعندما تكتشف هذه الخلايا مسببًا للمرض – سواء أكان بكتيريا أم فيروسًا – فإنها تُنتج المزيد من المخاط لتقوية الحواجز المادية والمناعية للجسم.
ويتراكم البلغم في الممرات الأنفية عند الإصابة بنزلة برد، وأحيانًا في الرئتين عند الإصابة بعدوى في الصدر. وعادةً ما تدفع أهداب الخلايا الظهارية – وهي شعيرات تظهر على سطح بعض الخلايا – هذا المخاط بعيدًا وتحافظ على مجرى الهواء مفتوحًا، ولكن قد تُتلف العدوى الأهداب أو تُرهقها، مما يضطر المريض للسعال أو التمخّط للتعامل مع البلغم.
وعند الإصابة بالحساسية، يحدث أمر مشابه، إذ يُبالغ الجهاز المناعي في ردّ فعله تجاه مواد غير ضارة (مثل الغبار أو حبوب اللقاح أو بعض الأطعمة)، وينتج كميات زائدة من المخاط. ويؤثر فرط إفراز المخاط أيضًا في الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة مثل الربو، والتليف الكيسي، ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
لماذا تزداد كثافة المخاط؟
يمكن أن يؤثر المرض أيضًا في قوام البلغم. فعند الشخص السليم، يتكوّن المخاط من نحو 90 إلى 95% ماء، والباقي يتكوّن من بروتينات مخاطية وأملاح. ولهذا السبب يكون المخاط عادة شفافًا وسائلًا. ولكن عندما يكون الشخص مريضًا أو في طور التعافي من عدوى، يُنتج الجسم المزيد من البروتينات المخاطية، ما يزيد من كثافة البلغم.
ويكون المخاط السميك الأبيض أو العَكِر عادة علامة مبكرة على وجود عدوى مثل نزلات البرد، وقد يُشير أيضًا إلى التهاب ناتج عن الحساسية أو أمراض مزمنة مثل الربو.
وفي المراحل المتأخرة من العدوى، يكون لون البلغم عادة أخضر أو أصفر أو حتى بنيًا. ويأتي اللون الأصفر المائل إلى الأخضر من إنزيم يُدعى “ميلوبيروكسيداز” (Myeloperoxidase)، تُنتجه الخلايا المناعية التي تحارب العدوى.
ويحتوي المخاط البني المحمّر عادةً على دم، وقد يحدث هذا عندما تكون ممرات الأنف تالفة أو متهيّجة، غالبًا بسبب كثرة التمخّط أو الجفاف. ولا ينبغي أن يثير ذلك قلقًا كبيرًا، ولكن إذا كان المخاط يخرج من الفم – أي أن المريض يسعل دمًا – فقد يشير ذلك إلى حالة أكثر خطورة، مثل الإصابة بعدوى رئوية خطيرة أو حتى السرطان، وهنا يجب استشارة طبيب مختص.
وفي حالات نادرة، يكون المخاط أسود، وقد يكون علامة على عدوى فطرية، أو التعرض لملوثات مثل الفحم أو الغبار أو دخان السجائر. وتجب مراجعة الطبيب في هذه الحالة.
هل يحتاج المريض إلى مضاد حيوي لعلاج البلغم؟
قد يسأل الطبيب عن البلغم لتشخيص الحالة: لونه، قوامه، وكميته. وقد يستخدم الطبيب مخطط ألوان البلغم للتمييز بين العدوى الفيروسية والبكتيرية، وتحديد ما إذا كان سيصف المضادات الحيوية.
وتشير بعض الأدلة إلى أن المخاط الأخضر المصفر قد يكون ناتجًا عن عدوى بكتيرية، لكن هذا ليس صحيحًا دائمًا؛ إذ إن لون البلغم لا يكفي وحده لتشخيص العدوى بدقة أو تحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى مضادات حيوية.
ويساعد شرب الكثير من السوائل أو استخدام بخاخات مزيلة للاحتقان على المدى القصير. ويجب استشارة الطبيب إذا ترافق البلغم مع أعراض أخرى مثل الحمى أو التعب أو فقدان الشهية لأكثر من أسبوع أو أسبوعين.