سيناريو الاجتياح البري

ماهر أبو طير

32

ليس سرا أن مشروع إسرائيل في سورية لا يقف عند المناطق الجنوبية، بل قد يمتد إلى دمشق ذاتها، بما يعني أن الاجتياح البري يبقى واردا مستقبلا.
وفقا لتشارلز ليستر، رئيس مبادرة سورية في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، نفذت إسرائيل ما يقارب 1000 غارة على سورية، واحتلت 180 كيلومترا مربعا من البلاد منذ ديسمبر 2024، في حين لم ترد الحكومة السورية الجديدة على هذه الهجمات، في ظل إنهاك اقتصادي، وأزمات أمنية، وخلافات مع مكونات سورية مختلفة، وأولويات لدى دمشق.على الرغم من العلاقات الجيدة بين دمشق وواشنطن، فإن هذا لن يمنه تماما سيناريو الاجتياح البري وصولا إلى دمشق، خصوصا، أن إسرائيل اجتلت مساحات من سورية، بعد سقوط نظام الاسد، تضاف إلى المساحات التي تم احتلالها عام 1967، وسوف تنفذ إسرائيل سيناريو الاجتياح البري في حالات محددة، حتى لو كانت واشنطن تجاهر بتواصلها مع دمشق.
أول هذه الحالات رفض النظام السوري الجديد التطبيع الكامل مع إسرائيل والاكتفاء بمعاهدة أمنية، وهو أمر غير كاف لإسرائيل التي تريد من دمشق الجديدة علاقات تطبيع كاملة، وأن تتخلص دمشق من الجماعات الجهادية الموجودة، وتحقيق شروط جديدة لبعض المكونات السورية تؤدي إلى الفيدرالية تمهيدا للانقسام، كما أن ثاني الحالات عدم استقرار الأوضاع في جنوب سورية وحدوث مهددات أمنية عسكرية ضد الاحتلال، من جانب فصائل ومقاتلين، وثالثها اتخاذ تل أبيب لقرار بإنهاء النظام السوري كليا لصالح تقسيم سورية وإقامة دويلات متعددة، ورابع الحالات ما يرتبط بالجغرافيا التوراتية التي تعد سورية جزءا من الخريطة الإسرائيلية الكبرى، وخامسها حاجة إسرائيل للأرض لتنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين إلى مساحات واسعة في سورية ولبنان، خلال السنوات القليلة المقبلة.
كل ما سبق يعني أن سيناريو الاجتياح البري وصولا إلى دمشق يبقى واردا، والكل يرصد احتمالات الاجتياح البري للبنان مجددا، بهدف إنهاء ما تبقى من سلاح حزب الله، بما يعني أن أمامنا سيناريوهين متشابهين، ولكل سيناريو غايات معلنة، وغايات خفية تتوارى بعيدا عن الإعلانات السياسية.
دمشق الجديدة أمام خيارات أسوأ من بعضها، فلا هي قادرة على تأسيس جيش قوي لاعتبارات مالية، ولغياب القدرات حاليا، ولا هي قادرة على الانقلاب نحو التطبيع مع إسرائيل، ولا هي أيضا قادرة على التسبب بتفكيك سورية داخليا، أو التورط في صراعات عسكرية يتم استدراج النظام لها، كما أن دمشق الجديدة غير قادرة حتى الآن على عزل القوة البشرية الجهادية التي ساندت الرئاسة الحالية، حتى لا تنشب فوضى من نوع آخر، بما يعني أن كل الخيارات أصعب من بعضها بعضا، بما في ذلك قبول إقامة منطقة إسرائيلية عازلة في مناطق جنوب سورية.
ستكون أبرز المؤشرات مرتبطة بانتهاء حرب غزة، إذ ستكون هناك فرصة زمنية وعسكرية لإعادة توجيه القوات العسكرية الإسرائيلية نحو موقع ثان، وهذا يعني أن الأشهر القليلة المقبلة سترسم خريطة سورية من جديد.

( الغد)

قد يعجبك ايضا