سلام الله على غزة

29

سلام الله على غزة

علي السنيد:

     سلام الله على المجاهدين في الارض المباركة، وما حولها وعلى الصالحين، والاتقياء،ورموز المقاومة، والتحرير، وقوافل الشهداء.

وعلى المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم منينتظر، وما بدلوا تبديلا.

سلام على حاضنة الشهداء ، وعلى مجتمع الايمان، والفداء، وعلى الابرار والاخيار ،واكثرهم الآماً، وصبرا.

سلام الله على شعب مجاهد يبحث عن حلمه الوطني، وعن حقوقه المشروعة على ترابهالوطني، وعن تطلعاته الوطنية، ودولته المستقلة،  وحق تقرير المصير.

والذي ما وهن يوماً، وما هان، وظل الاعلى بتضحياته الجسام، وحسبه ان ما عند اللهخير وابقى، وان العاقبة للمتقين، وان ثمن الاوطان امانة في عنق التاريخ، وان الايمانعهد مع الله تعالى الذي يصدق وعده .

     وستظل حكاية الشعب المقاوم معلماً في التاريخ البشري ، وستكون تضحياتهمنارات في الدنيا على طريق التحرير ، وقد تقدم بالغالي والنفيس في سبيل الله ، واكدبدماء ابنائه وارواحهم على حقه المشروع في فلسطين.

وفي مشهد يرتقي لاسوء صور الظلم في التاريخ، ويحاكي اكثر العصور الانسانية ظلاماً ،وبدائية تنحاز الدول الغربية الكبرى ، وعلى رأسها امريكا الى المستعمر الاسرائيلي ،وتعطي الضوء الاخضر لاشد العصابات الدينية المتطرفة، والمتشكلة على هيئة دولةاحتلال لتمارس ابشع طرائق القتل ، والابادة في حق الابرياء، والمدنيين العزل، ولتمزقاجساد الاطفال، ويتم نقلهم في اكياس الى القبور من قبل ابائهم المكلومين، وشهدتالدنيا مطالبة ام للمنقذين باخراج عضو واحد من اسرتها الراقدة تحت الانقاضبالعشرات، وذلك لتكون الحياة اقل سوءا مما بدت عليه في هذا العالم .

وتعامى الساسة في الغرب، والشرق عن الانهيار الاخلاقي الكبير الذي لحق بالحضارةالانسانية ، والمس بقيمها العليا، وجرى اطلاق العنان للدولة الارهابية المحتلة لتقوضالاسس ، والمبادئ الانسانية، ولتزرع الموت والدمار في كل ركن في القطاع المحتلالذي واجه اصناف الموت والابادة.

وظل قادة الدول الغربية  يمدون القتلة والارهابين بالاسلحة، ويفتحون لهم مخازنالسلاح ، والعتاد، ويتواطئون مع الكيان العنصري المحتل ضد اهل الارض الشرعيين،والذين ذاقوا مرارة الاحتلال، والتجويع والابادة.

وربما ان شعبا من الشعوب لم يواجه ما واجهه الانسان الفلسطيني في قطاع غزة،والذي فقد على مدى عامين متواصلين طعم الحياة، وشعور الامان ، ومذاق الايام،ومتعها ، وتطلعاتها، وادمن مشاهد الموتى، والجرحى ، والدمار في الاحياء و البيوت،والشوارع.

ودخل الموت الى كل البيوت في غزة، واختطف الاعزة، وغادرت اسر كاملة السجلاتالمدنية، واقصيت من الحياة ظلما وجورا، ومحيت قرى بأكملها من الوجود، وتحولتالعمارات، والاحياء والمدن الى ركام، وكانت الطائرات الاسرائيلية المتوحشة توزعالموت صباحا ومساءا على الاطفال والنساء والعجائز،  والرضع،  ولا تبقي ولا تذر.

وذاق اهل غزة مرارة رحيل الاحبة بشكل يومي، ومأساة الفقد، والحزن العميق،واخرجوا من محيطهم الانساني، وتحطمت في داخلهم  الصورة الانسانية البراقة،وانهارت في عيونهم منظومة قيم العدل، والحق، والمساواة الانسانية،  وسقط الضميرالانساني ، وقد تعايشوا مع مجريات الموت اليومي، واعتادوا القبور، والجنائز امام مراىالعالم الظالم.

واستمرت دورة الصمود والنضال ، وواصلت المقاومة البطلة دورها الوطني ، ولم تهن،ولم تذل، ولم تسقط الراية من يدها، وما اعلنت استسلامها، وقدمت الارواح، والدماءالزكية بغزارة.

ومضت قوافل الشهداء تترا في مشهد اسطوري سيخلد في الذاكرة البشرية،  وصمدالمحاصرون في غزة صمود الجبال، وواجهوا حرب الابادة، والتهجير، والتجويع بدمائهمالزكية الطاهرة، واجسادهم العارية، وعلموا العالم درساً ناصعاً في الوطنية ، وكرامةالاوطان.

وقد اسفر سفر الصمود الاسطوري في غزة عن الانقلاب الكبير في الرأي العام العالمي،وعمت شعوب الارض المظاهرات والاحتجاجات على وقع الجرائم والمجازر الاسرائيليةالتي طالت الشعور الانساني في كافة ارجاء المعمورة.

وبذلك انتصرت الدماء الفلسطينية، وانتصر الحق الفلسطيني الذي هو وديعة في ذمةالتاريخ.

فسلام الله على غزة الكبرياء ، والصمود، والمجد ، وستبقى ايقونة في صفحة الخلود،والجهاد،  وفي ذاكرة الشعوب الحرة، وهي رغم كل جراحاتها تظل الحلقة المشرقة فيسلسلة النضال الوطني الفلسطيني المتواصل منذ نحو قرن من الزمان .

وحيث المقاومة التي هي حق مشروع لكل الشعوب المحتلة تراكمية ، وسلسلةمتواصلة من التضحيات الجسام بين الاجيال،  وعلى منوالها سارت مقاومة الفلسطينينالتي غدت من أهم حركات التحرر الوطني في العالم، وذلك على ضوء تواصل عملهاالوطني منذ قدوم الاحتلال الاسود .

وان مقاومة حماس البطلة هي محطة في سجل النضال الوطني الفلسطيني الاسطوري،  وكل مراحل الكفاح ضد المحتل تشهد  اخفاقات، وبوارق امل،  وهي لوحة من كبرياءموشحة بالارواح، والدماء الزكية.

ولا مناص من ان المقاومة لم تتوقف يوماً ، وظل الشعب الفلسطيني يكافح حتىالتحرير،  وتقرير المصير، والوصول إلى حقه المشروع في نيل استقلاله، ولم يستسلمابدا مهما بلغت التضحيات.

وهي مسيرة كفاحية ممتدة منذ عشرينات القرن الماضي، وحتى اليوم، والى ان يتحررالتراب الوطني الفلسطيني، وينال الفلسطينيون حقهم، وحريتهم،  ويعلنون هويتهمالوطنية على ثرى ترابهم الوطني.

قد يعجبك ايضا