الذكاء الاصطناعي يهدد استقرار الطاقة العالمية
عمان- العقبة اليوم الإخباري
في ظل التطور التكنولوجي السريع وتوسع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، تصاعدت المخاوف حول زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية على مستوى العالم، وهو ما يطرح تحديات حقيقية أمام استقرار الإمدادات الكهربائية وقدرة الشبكات على تلبية الطلب المتزايد.
وحذرت وكالة الطاقة الدولية (IEA) في تقرير حديث صدر في 3 يوليو 2025 من أن استهلاك مراكز البيانات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT وClaude وGemini، قد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2030. وأوضحت الوكالة أن مراكز البيانات ستستهلك أكثر من 1000 تيراواط/ساعة سنويًا، وهو ما يعادل تقريبًا الاستهلاك السنوي الكامل لدولة صناعية كاليابان.
وتشير الأرقام إلى تسارع بناء مراكز البيانات حول العالم، خاصة في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، حيث تضاعف استثمارات شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وغوغل، في بناء “مدن رقمية” تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي. وهذا النمو الكبير أدى إلى زيادة الضغط على الشبكات الكهربائية المحلية، وهو ما دفع بعض الدول إلى فرض قيود تنظيمية على إنشاء مراكز بيانات جديدة، كما حدث في أيرلندا وهولندا، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة Financial Times في 4 يوليو 2025.
بالإضافة إلى استهلاك الكهرباء، تواجه هذه المراكز تحديًا بيئيًا آخر يتمثل في استهلاك كميات كبيرة من المياه لتبريد الخوادم. وتشير دراسات نشرتها دورية Nature Sustainability إلى أن مراكز البيانات تستهلك ملايين الليترات من المياه يوميًا، مما يفاقم مشاكل شح المياه في بعض المناطق.
وعلى الرغم من هذه التحديات، أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى عن خطوات لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، حيث تعهدت شركة “ميتا” (Meta) باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بالكامل لتشغيل مراكز بياناتها الجديدة في الولايات المتحدة بحلول عام 2026، كما تطور نماذج ذكاء اصطناعي أقل استهلاكًا للطاقة.
إلا أن تقرير وكالة الطاقة الدولية يشير إلى أن وتيرة هذه التحولات لا تزال بطيئة مقارنةً بالزيادة السريعة في استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة، مما يجعل أزمة استهلاك الطاقة المرتبطة بهذه التقنية مسألة استراتيجية تثير قلقًا عالميًا.
يطرح الخبراء سؤالاً هامًا حول مدى قدرة الحكومات والمستثمرين على تنظيم وتوجيه هذا التوسع التكنولوجي بما يضمن التوازن بين الفوائد التقنية وحماية الموارد الطبيعية، خاصة مع تنامي الحاجة إلى سياسات طاقة مستدامة ومبادرات تعزز الاعتماد على الطاقات المتجددة.
في ظل هذه المعطيات، يبقى الذكاء الاصطناعي أداة ذات إمكانات هائلة، لكنها تتطلب إدارة حكيمة لضمان ألا تتحول إلى عبء بيئي يهدد استدامة الكوكب.