التغير المناخي .. يزيد إنتاج المحاصيل ويضعف قيمتها الغذائية

45

خاص – العقبة اليوم الإخباري

كشفت دراسة بحثية حديثة عن جانب مقلق من تأثيرات تغيّر المناخ، يتمثل في تراجع القيمة الغذائية للمحاصيل الزراعية، رغم الزيادة في حجمها وسرعة نموها.
وبيّنت الدراسة، التي أجريت في جامعة ليفربول جون مورس بالمملكة المتحدة، أن ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ودرجات الحرارة المتزايدة يؤثران سلباً على محتوى الغذاء من المعادن والبروتينات ومضادات الأكسدة، خصوصًا في الخضروات الورقية مثل السبانخ والكرنب والجرجير.
وتقول الباحثة الرئيسية في الدراسة، جياتا أوغواه إيكيلي، وهي طالبة دكتوراه في قسم علوم البيئة النباتية، إن أغلب الدراسات السابقة ركزت على كمية الإنتاج، إلا أن هذا البحث يسلط الضوء على “نوعية ما نأكله، وليس فقط كميته”. وأضافت أن هذه التغيرات المناخية تؤثر في وظائف النبات الحيوية، مثل عملية التمثيل الضوئي، ومعدل النمو، وآليات تصنيع وتخزين المغذيات داخل الخلايا النباتية.
في إطار التجربة، قام الفريق البحثي بزراعة مجموعة من الخضروات الورقية داخل غرف نمو خاضعة لرقابة بيئية دقيقة، تحاكي ظروف المناخ البريطاني المتوقع خلال العقود المقبلة، من حيث ارتفاع الحرارة وزيادة ثاني أكسيد الكربون. وتمت متابعة أداء النباتات باستخدام مؤشرات التمثيل الضوئي مثل قياسات “فلورة الكلوروفيل”، بالإضافة إلى تسجيل النمو والكتلة الحيوية عند الحصاد.
وعند تحليل التركيبة الغذائية للمحاصيل، باستخدام تقنيات الكروماتوغرافيا السائلة والأشعة السينية، وجد الباحثون انخفاضًا واضحًا في مستويات الكالسيوم والبروتين وبعض مضادات الأكسدة، مقابل زيادة نسبية في تركيز السكر. كما أظهرت الدراسة أن ارتفاع درجة الحرارة فاقم من هذا التدهور الغذائي، حيث تباطأ نمو المحاصيل أحيانًا، وازدادت خسائرها الغذائية.
وأشارت إيكيلي إلى أن الاستجابة لهذه المتغيرات المناخية تختلف بين نوع وآخر من النباتات، مما يعني أنه لا يمكن التعميم، بل يجب دراسة كل محصول على حدة. كما حذّرت من أن هذا “الاختلال الغذائي” قد يؤدي إلى أنظمة غذائية فقيرة بالمغذيات وغنية بالسعرات الحرارية، وهو ما يزيد من مخاطر السمنة والسكري من النوع الثاني وضعف المناعة، لا سيما في الدول ذات الدخل المحدود.
وبينما تركز الدراسة على السيناريوهات المناخية المتوقعة في المملكة المتحدة، تؤكد إيكيلي أن نتائجها تنطبق على نطاق أوسع. وقالت: “الأنظمة الغذائية في دول الشمال العالمي تواجه تحديات كبيرة بفعل تغير المواسم وزيادة موجات الحر، أما المناطق المدارية وشبه المدارية فتعاني فوق ذلك من الجفاف، وتدهور التربة، والآفات، وكلها تؤثر مباشرة على الأمن الغذائي لملايين البشر”.
ودعت إيكيلي إلى ربط أبحاث علوم النبات بمجالات التغذية والسياسات المناخية، مؤكدة أن “الغذاء ليس مجرد مصدر للسعرات الحرارية، بل هو الأساس في بناء نظام صحي، عادل، ومتين لمواجهة آثار التغير المناخي”.

قد يعجبك ايضا