ليخرج الوزير ويتحدث إلينا

ماهر أبو طير

31


‎ليس هناك من ازمة في الاردن كما الازمة الاقتصادية، وهذه الازمة هي التي تخنق الحياة، مع ادراكنا بوجود ملفات مهمة ثانية.
‎تخرج الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة وتقول إنها فوجئت بقيام إدارة احدى الجامعات برفع الرسوم الجامعية لكافة البرامج، وبنسب وُصفت بالفلكية، حيث بلغت في بعض التخصصات ‎150 % وأن عدد التخصصات التي شملها رفع الرسوم بلغ 46 تخصصاً من أصل 61 في ظل مصاعب اقتصادية يواجهها الاردنيون عموما.
‎بالإضافة إلى أن هذه الزيادة سيكون لها تأثير كبير على صندوق دعم الطالب، حيث ستؤدي إلى تقليص أعداد المنح والقروض وأن هذه الارتفاعات تأتي كمقدمة لرفع رسوم الجامعات الرسمية الأخرى، مشيرة إلى أننا أمام واقع جديد للرسوم الجامعية عنوانه خصخصة الجامعات الرسمية، وربما تقصد الحملة بالخصخصة ليس بيع الجامعات، بل ارتفاع الرسوم لتصبح وكأنها جامعات خاصة.
‎هذا الملف، اي ملف التعليم العالي، من اكثر الملفات الحساسة، ومن حقنا ان نسأل وزير التعليم العالي ومجلس التعليم العالي، وكل الهيئات المختصة عن الذي يجري، لأن القصة ليست قصة هذه الجامعة حصرا، بل تتعلق بأكثر من محور، اولها وضع الجامعات المالي الاستراتيجي، وثانيها لماذا تغرق كل الجامعات بالديون، ولماذا توسعنا بالكلف والمباني والتعيينات ووصلنا الى هذا الحال.
‎ ثم لماذا يصير الحل على حساب الطلبة باعتبارهم الممول الوحيد للجامعات، مثلما من حقنا ان نحذر من امتداد هذه الموجة الى بقية الجامعات الاردنية التي تتراوح حلولها المالية بين الاقتراض، او رفع الرسوم، او حتى مطالبة جهات متعددة بدفع ما عليها من مستحقات مالية متأخرة.
‎وصلت الجامعات الحكومية الى هذا الحال بسبب سياسات الاغراق في التوظيف حالها حال بقية المؤسسات مثل البلديات التي تفيض بالموظفين وبعضهم بلا حاجة اصلا، ثم التوسع في المباني المكلفة بطريقة لا تراها في اعرق الجامعات في العالم وقد زرت جامعة اكسفورد البريطانية العريقة، ولم اجد فخامة الحجر التي لدينا وهو حجر بات على صدور الطلبة وذويهم، ثم سهولة الاقتراض، ومطالبات الهيئات التدريسية والادارية بالمزيد، ولم يعد الابتكار في البرامج التعليمية كافيا لتأمين التمويلات لموازنات الجامعات.
‎رافقت رئيس وزراء سابق قبل سنوات طويلة في جولة الى منطقة خارج العاصمة، وزرنا جامعة حكومية، ويومها جن جنون الرئيس حين اكتشف بالصدفة ان الجامعة الغارقة في الديون تشتري سيارة جديدة للرئيس، واحدث من سيارة رئيس الحكومة ذاته من حيث موديل السنة، ولم يبخل الرئيس يومها بتوبيخ رئيس الجامعة وغيره من مسؤولين، على هكذا ادارة في ظروف مالية صعبة.
‎من جهة ثانية فإن ازمة ديون الطلبة ليست اردنية، اذ نجدها بمليارات الدولارات والباوندات في بريطانيا والولايات المتحدة حيث يقترض الطلبة للدراسة من الشركات المتخصصة، ويخرجون من جامعاتهم وقد حملوا قروضا مرعبة، فيما التعليم في الاردن لم يعد مجانيا، والجامعات مدينة، لكن رفع الرسوم في اي جامعة اردنية يعني مزيدا من الاعباء على العائلات الاردنية، التي يكفيها ما فيها.
‎نطالب بوقف رفع الرسوم في كل الجامعات، واعادة النظر في الادارة المالية للجامعات، بطريقة مختلفة، حتى لا تبقى موازين الجامعات مختلة وجميعها تواجه مشاكل مالية يصير حلها الطالب الذي يدفع وهو يعرف ان لا وظيفة ولا افق بعد التخرج.
‎هذه أزمة موروثة وليست ابنة اليوم، لكننا نطالب الوزير بالحديث الينا علنا وشرح كل تفاصيل المشهد، والى اين نذهب بهذا الملف؟.
‎لا نحرض على احد، ونريد الحل فقط ايها القوم.

الغد

قد يعجبك ايضا