عمليات احتيال عابرة للحدود

أحمد حمد الحسبان

34

ما بين محاولات ترويج لوصفات طبية مزعومة يدعي القائمون عليها أنها تعالج أمراضا مستعصية، وأخرى تركز على نقاط ضعف بشرية، وثالثة تروج للربح السريع، تحولت بعض وسائل التواصل الاجتماعي إلى أدوات مساعدة على النصب والاحتيال، بادعاء شفاء البعض من تلك الأمراض، أومنح الفرص لتحويل مشاركين في بعض برامج المضاربة إلى أثرياء بطرق سهلة.

الجديد في هذا الملف ما أصاب الكثير من الأردنيين، وألحق بهم خسائر كبيرة هو استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات» النصب» التي يمارسونها والتي أصبحت عابرة للحدود، ويمكن تصنيفها بأنها دولية بامتداد محلي.
وأبعد من ذلك فإن القائمين عليها يستغلون أسماء شخصيات وطنية لها احترامها للترويج لعمليات النصب التي يمارسونها بشكل مكشوف، ولكن بطرق ذكية ترفع من مردودهم المالي وتبقيهم بعيدا عن المساءلة، إما بسبب امتناع الضحايا عن الكشف عما لحق بهم من خسارة، أو بسبب عدم وجود ملاحقة رسمية على مستوى الأشخاص أو على مستوى الدوائر الحكومية المعنية.
بدأت القضية بالترويج لوصفات مزعومة لأمراض مستعصية تشترى من خلال الانترنت بأسعار مرتفعة، وإشراك أسماء موثوقة في عالم الطب والشريعة بزعم أن لها دورا في فك ألغاز تلك الأمراض، أو إضفاء المشروعية على عمليات الترويج للعلاجات المزعومة.
من ذلك، ما قيل عن مرض البروستاتا بادعاء اكتشاف لأحد علماء الشريعة العرب الناشطين على مستوى واسع والمشاركين في برامج تلفزيونية وإذاعية عديدة، وتقديمه بصوته وصورته – ليس واضحا إن كانت مطالعته مقلدة أم حقيقية-. واستغلال صورة طبيب أردني مشهور جدا في مجال السكري والغدد الصم، في الترويج لأدوية قيل أن من شان استخدامها التخلص من مرض السكري تماما. ومثل ذلك ما يتعلق بمرض الضغط وغيره من الأمراض.
ومن الأساليب المبتكرة اختلاق وفبركة قصص حول « ملاحقة» أصحاب الاختراعات من قبل شركات ادوية وأطباء تضرروا من إعلانهم عن « الكشف الخارق».
في شق آخر من تلك المعادلة وفيما يتعلق بادعاء القدرة على مساعدة الآخرين في تحقيق الربح السريع، تم استغلال أسماء شخصيات وطنية وازنة، من بينهم رئيس وزراء سابق، ونائب حالي، وشخصية سياسية بارزة، ومذيع مشهور، في الحديث عن عمليات توظيف أموال نتيجتها ربح وفير وسريع، وإمكانية تحقيق ملايين الدنانير خلال فترة وجيزة. وتم استغلال مواقع إخبارية، وشخصيات إعلامية، لها سمعتها للترويج لتلك العمليات وبأساليب مبتكرة، من بينها الادعاء بأنها شركات حكومية.
اللافت هنا أن عمليات» النصب» تلك نجحت في زيادة الإقبال على إرسال المبالغ لـ» استثمارها» في بعض الشركات، وأوقعت الكثير من الحالمين بالثراء السريع في حبائل القائمين على تلك الشركات الصورية التي يروج لها بأنها مرخصة في مكان ما في هذا العالم.
واللافت أيضا تواضع ومحدودية الردود للشخصيات والمواقع التي تم استغلالها في عمليات الترويج، وصمت الجهات الحكومية الرسمية التي يعتقد أنها لن تكون عاجزة عن تحديد أسماء القائمين على تلك العمليات وملاحقتهم. أو ـ على الأقل ـ القيام بحملات توعية ضد تلك الممارسات.
والسلبي هنا هو موقف الضحايا الذين وقعوا في حبائل تلك العصابات. فمن يصدق أن إيداع مبلغ 200 دينار ينتج أرباحا بقيمة أربعة آلاف دينار خلال ثلاث ساعات، يكون قد مكن القائمين على تلك الشركات من توسيع دائرة نشاطهم وجني المزيد من المال بمنتهى السهولة. ويكون قد ضحى بمدخراته المتواضعه ونتاج جهده وعرقه الذي ادخره لوقت حاجة.
هنا يبدو أن التوقف لا بد وأن يكون إجباريا عند الأشخاص المعنيين لعدم الوقوع في حبائل القائمين على تلك العمليات. ويكون أكثر إجبارية عند الجهات الرقابية التي يفترض أن تتابع ما يجري نشره علنا، وأن تحاسب من يقومون بمساعدة أصحاب تلك» الدكاكين» ، وأن تحملهم المسؤولية عن عدم ملاحقة من ينتحلون أسماءهم ويوظفون سمعتهم الطيبة في عمليات نصب كتلك التي تحدث.
وبصيغة أكثر تحديدا لا بد من متابعة وسائل التواصل التي نشرت المواد المشبوهة، والأشخاص الذين نشرت شهاداتهم عبرها لمعرفة دورهم وما إذا كان دورا حقيقيا أم مفبركا. وبالتالي معرفة من يتحمل المسؤولية عن عمليات الترويج، والإسهام في إيقاع الآخرين في حبائل القائمين على عمليات النصب. واعتبار النشر في مثل تلك الحالات جرائم الكترونية تجري ملاحقتها ـ حكما ـ من قبل وحدة الجرائم الالكترونية. الغد

قد يعجبك ايضا