المشهد السياسي: الأُمّي يشرع، والمال يقرر، والكرسي قبل القانون..

نادر خطاطبة

63

قد يكون الجهل الدستوري والقانوني، هو ما قاد نائبًا في البرلمان إلى الامتناع عن المثول لدى النيابة العامة، للتحقيق بشبهة تلقيه أموالًا من مصادر مجهولة، عبر محافظ إلكترونية ومعه مجموعة أشخاص.

رفض النائب استند إلى أنه يحمل حصانة برلمانية، فيما هذه الحصانة غير متوفرة، نظرًا لعدم انعقاد مجلس النواب، ما اسقط الحصانة اصلا، وتطلب تسطير مذكرة جلب بحق سعادته..
ما يعنينا بالقضية “أنه ليس ضروريا أن تكون سابق عصرك ومثقفًا بالتشريعات، كشرط لدخولك مجلس النواب”، بدلالة أن القانون منحك حق الترشح حتى لو كنت “لا تفك الخط”، أي أمّي، لا تقرأ ولا تكتب، بالمقابل يمكن الحيلولة دون ترشحك “بالحسنى” كما حدث “للمذكور” إن صدقت روايته، قبل أن تُزهر طريقه لاحقا، وتمهَّد بالورود، ليحمّلنا ديونًا وصلت إلى قرابة 10 مليارات دينار، بإدارته الحصيفة اثناء توليه الحكومة طبعًا.

وليس بعيدا عن ذلك، أتت قصة أعلنها د. بسام العموش (وزير ونائب وسفير أسبق) عبر فيديو مصور، قال فيه إن (المذكور) حين كان نائبًا لرئيس الوزراء عام 1997 طلب منه الترشح للانتخابات في ذلك العام، فتذرع العموش بعدم توفر المال لديه، فكان أن تلقى إجابة:
“إنت ترشح والمال والنتيجة علينا”، والقصة إن صحت، تشي ان ما مورس تجاه (المذكور) عام 2007، مارسه هو بسياق شبيه، بحكم المسؤولية، عنوانه “الحض أو ترغيب شخص بالترشح” متعديا على خيارات ربما تيار شعبي وعشائري قبائلي، لا رغبة له بترشيح العموش.

اخيرا .. السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
لماذا يعمد بعض المسؤولين السابقين إلى استحضار مثل هذه القصص في هذا التوقيت تحديدًا؟ هل الغاية تذكير الناس بأنهم كانوا “شهودًا على المشهد” مغلوبين على أمرهم؟ أم استعراض أنهم عاشوا التفاصيل من الداخل، في محاولة لتلميع صورتهم بعد مغادرتهم الكرسي؟ أم أن المسألة لا تعدو كونها مناكفات، وتصفية حسابات مؤجلة، بعبارات مغلّفة بأسرار الماضي؟

في المحصلة، استدعاء مثل هذه الحكايات في الحاضر يحمل أكثر من رسالة، والناس كفيلة بالتمييز، بين من يتحدث ابتغاء وجه الحقيقة، ومن يسعى لتبرئة نفسه، ومن لا يزال الكرسي يسكن في داخله، وبعبارة أدق، “احنا دافنينوا سوا” ..

قد يعجبك ايضا