نجوم تجاوزوا الـ38 عامًا يواصلون التألق.. كيف أطالوا أعمارهم في الملاعب؟
إعداد: محرر الشؤون الرياضية
العقبة اليوم- في تحول لافت بمشهد كرة القدم العالمية، بات من الطبيعي رؤية لاعبين تجاوزوا سن 38 عامًا وهم يواصلون اللعب في أعلى المستويات، بل ويتصدرون مشاهد البطولات، في تناقض صارخ مع ما كان سائدًا قبل سنوات حين كان الاعتزال في مطلع الثلاثينات يُعدّ خيارًا شائعًا إن لم يكن حتميًا.
اليوم، أسماء بحجم كريستيانو رونالدو (40 عامًا) وليونيل ميسي (37 عامًا) ولوكا مودريتش (39 عامًا)، ما زالت تنبض على المستطيل الأخضر، لا بصفة رمزية بل بأداء تنافسي وقيادي بارز، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: ما الذي تغيّر؟ ولماذا طالت أعمار اللاعبين على هذا النحو؟
نجوم يتحدّون الزمن
- كريستيانو رونالدو، مهاجم نادي النصر السعودي، يقف في عمر الأربعين كواحد من أبرز الهدافين في الدوري، برصيد 19 هدفًا في 22 مباراة خلال الموسم الجاري. لياقته الحديدية وانضباطه الصارم جعلاه مثالًا حيًا لإمكانية كسر القيود التقليدية للعمر.
- ليونيل ميسي، مع فريق إنتر ميامي الأميركي، لا يزال يلعب دورًا محوريًا في صناعة اللعب وتسجيل الأهداف، متكئًا على ذكاء تكتيكي فذ ومهارات لا تشيخ.
- لوكا مودريتش، حافظ على مكانته في أحد أعظم الأندية الأوروبية، مع دقة تمرير تتجاوز 92% وقراءة استثنائية للمباريات.
- مانويل نوير، الحارس الألماني التاريخي، عاد لحراسة عرين بايرن ميونيخ بعد سن التاسعة والثلاثين، مؤكدًا أن موقع الحارس لا يزال يتحمل الاستمرارية شرط الجاهزية الذهنية والبدنية.
- سيرجيو راموس، انتقل إلى مونتيري المكسيكي، واستمر في حصد الألقاب والتأثير في الدفاع، بينما لا يزال آشلي يونغ (40 عامًا) وجيمس ميلنر (39 عامًا) يواصلان اللعب في الدوري الإنجليزي، بمزيج من القيادة والخبرة.
سرّ الشباب الأبدي
اللافت في هذه الأسماء أنها لم تستمر فقط بدافع الشهرة أو عقود انتقال مغرية، بل لأسباب عملية وعلمية، أهمها:
- التطور الطبي الرياضي: يشهد العصر الحديث استخدام تقنيات تعافي متقدمة مثل العلاج بالتبريد (Cryotherapy)، وأجهزة مراقبة النوم، وتغذية دقيقة مخصصة لكل لاعب حسب تحاليله الجينية.
- الاحتراف الكامل: هؤلاء النجوم باتوا “رياضيين متكاملين”، يعيشون كرة القدم كأسلوب حياة، وليس كمجرد وظيفة.
- كريستيانو رونالدو مثلًا يُعرف بأنه لا يتناول السكريات، ويخضع لثماني ساعات نوم منتظمة، وجلسات تدريب إضافية حتى خارج الجدول الرسمي.
- الذكاء التكتيكي: اللاعب المتقدم بالعمر يعوّض تراجع السرعة بالتموضع الصحيح واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. وهذا ما يبرع فيه لاعبون مثل مودريتش وميسي.
- الانتقال إلى دوريات أقل ضغطًا: ساهم انتقال عدد من اللاعبين إلى دوريات مثل الدوري السعودي والأميركي والمكسيكي في إطالة أعمارهم الكروية، حيث تكون وتيرة اللعب أبطأ نسبيًا والضغط الجماهيري والإعلامي أقل كثافة.
انقلاب على القاعدة
في تسعينات القرن الماضي، كان لاعب مثل الظاهرة رونالدو أو باتيستوتا يعتزل في عمر 32 أو 33 عامًا لأسباب تتعلق بالإصابات أو التراجع البدني. أما اليوم، فقد تغيّرت المعادلة بالكامل، بل أصبحت بعض الأندية تتعامل مع اللاعبين المخضرمين كقادة للفريق داخل وخارج الملعب، لا كمجرد عناصر داعمة.
كرة القدم تتغير
يمضي العصر الحديث نحو كرة قدم أكثر احترافًا وتخصصًا. ومع دخول أدوات التحليل البدني والبيانات الدقيقة، لم يعد العمر البيولوجي هو الفيصل، بل ما بات يُعرف بـ”العمر الرياضي”، أي القدرة البدنية والعقلية على المنافسة.
وإذا كانت هذه الظاهرة قد بدأت فردية قبل عقدين، فإنها اليوم تتحول إلى قاعدة جديدة في عالم كرة القدم الحديثة: اللاعب لا يعتزل بالعمر… بل عندما يتوقف عن العطاء.