تصريحات نتن ياهو ..إعلان نوايا ينسف أفق السلام
لما جمال العبسة
خطوة استفزازية جديدة أقدم عليها رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو تمثلت باقتحامه الضفة الغربية واعلانه امس من إحدى المستوطنات غير القانونية رفضه القاطع لإقامة دولة فلسطينية، هذه الخطوة تمثل توسعا بدأ صامتا ومع زيادة وقاحة هذا العدو الدموي تحول الى اعلان صريح يكشف رغبة هذه الحومة النازية لانهاء اي افق سياسي لحل الدولتين.
الاعتداءات الإسرائيلية على الضفة الغربية لا تحدث معزولة بل تأتي ضمن منظومة متكاملة من القمع والتجويع والتطهير العرقي، تتجلى بوضوح في الإجراءات الوحشية المتواصلة ضد قطاع غزة، فبين الاقتحامات اليومية في الضفة، وفرض الحصار الخانق على القطاع تتكشف استراتيجية صهيونية تهدف إلى تفكيك الجغرافيا الفلسطينية، وكسر إرادة شعبها، وفرض واقع استعماري لا يسعى إلى السلام ولا يعترف بالحدود ولا بالحقوق، بل إلى السيطرة الكاملة، مهما كان الثمن الإنساني أو القانوني.
الأردن قيادة وحكومة اعتبر هذه الخطوة المدانة لا تمثّل مجرد خرق فاضح للقانون الدولي، بل تكشف عن تحول خطير في طبيعة المشروع الاستيطاني الصهيوني، وتحديا فجا للارادة الدولية الداعمة لحل الدولتين، وبالنظر الى سلسلة الاجراءات التي تتبعها الحكومة الصهيونية الفاشية، نجد ان ما يحدث في الضفة الغربية لم يعد مجرد سلسلة من الانتهاكات، بل هو إعادة تشكيل للواقع الجيوسياسي بقوة السلاح والمستوطنات، وذلك ابتداء من القطاع ومعه كانت شرعنة البؤر الاستيطانية، وتكريس الاحتلال في الجانبين كأمر واقع، وهذا يخلق تحديا ليس فقط على الفلسطينيين، بل على كل من يؤمن بالعدالة الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
الموقف الأردني الثابت في هذا الاتجاه يعكس إدراكا عميقا لخطورة هذه المرحلة، فاعتداءات قطعان المستوطنين بحراسة جيش الاحتلال المستمرة، مقرونة بالخطاب الرسمي الرافض لأي تسوية عادلة، يهدد بنسف أسس السلام ويضع المنطقة أمام احتمالات أكثر قتامة، وليس من الحكمة ان يبقى الوحيد صاحب الصوت العالي، فلا تكفي الإدانة على المستويين العربي والدولي، ولابد ان يكون هناك موقف موحد رافض لمنطق القوة ويعيد الاعتبار للقانون الدولي، ويؤكد أن فلسطين ليست أرضا مستباحة، بل قضية مركزية لا يمكن شطبها بزيارة استفزازية أو تصريح عدواني. الترابط بين الجبهتين يفرض على الدول العربية، ان تدعم الاردن وفلسطين بأن تتعامل مع القضية الفلسطينية كوحدة واحدة، لا كملفين منفصلين. فكل اعتداء في الضفة هو تهديد لغزة، وكل حصار في غزة هو إنذار للضفة، وكلاهما يهدد استقرار المنطقة بأسرها.
وفي ظل هذا التصعيد الممنهج، لم يعد الحياد خيارا، ولا الاكتفاء بالإدانة مجديا، فالمطلوب اليوم موقف عربي واضح، يربط بين العدالة والردع، ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية لا تقبل التجزئة أو التهميش.
الأردن دوما قاد هذا الموقف، ليس فقط دفاعا عن فلسطين، بل عن منطق السيادة والشرعية الدولية، فكل صمت يُفسَّر كقبول، وكل تردد يُترجم كضعف، والمرحلة تتطلب وضوحا، وجرأة، واستراتيجية لا تكتفي برد الفعل، بل تبادر إلى الفعل، ففي وجه الاحتلال لا مكان للحياد… إما أن نكون صوتا للحق، أو صدى للتواطؤ.
(الدستور)