نتنياهو وأوهامه الكبرى: الأردن ليس لعبة في خيالك!

هاني الهزايمة

257

تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة حول نيته تحقيق ما يسمى «رؤية إسرائيل الكبرى» تمثل تصعيدًا استراتيجيًا خطيرًا وموقفًا استفزازيًا واضحًا تجاه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وكذلك تجاه السيادة الوطنية للدول العربية، وفي مقدمتها الأردن. هذه التصريحات ليست مجرد كلام فارغ، بل إعلان صريح عن الطموحات التوسعية للكيان الإسرائيلي، ومحاولة يائسة لإعادة إنتاج خطاب الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة. نتنياهو يظن أن الأردن سيكون لقمة سائغة، قابلة للتوجيه والتحكم، لتسهيل تنفيذ مخططاته السياسية، متجاهلًا تمامًا حقيقة أن الأردن ليس مجرد رقعة على خريطة يمكن العبث بها، بل هو دولة ذات جذور عميقة وتاريخ حضاري وسياسي ممتد عبر الزمن، وحصن منيّع أمام أي مؤامرة أو تهديد خارجي.

الأردن، بقيادته الحكيمة وشعبه المخلص، أثبت على مدار العقود أنه قوة سياسية وعسكرية ودبلوماسية قادرة على مواجهة أي تهديد مهما بلغت أطماعه. الدولة الأردنية تمتلك منظومة متكاملة من المؤسسات الأمنية والسياسية والاجتماعية، تجعلها صخرة منيعة أمام كل محاولات الضغط أو الابتزاز. أي حسابات خاطئة من قبل إسرائيل أو أي طرف آخر ستصطدم بإرادة وطنية راسخة، ووعي استراتيجي رفيع المستوى، وقرارات سياسية مدروسة تتناسب مع حجم التهديدات ومستوى التحديات.
إن تصريحات نتنياهو تكشف الوجه الحقيقي لحكومته، وتؤكد ما يعرفه العالم العربي جيدًا: إسرائيل حكومة متطرفة، عاجزة، ومعزولة دوليًا، تلجأ إلى العنف والتدمير كورقة سياسية للبقاء. استهداف المدنيين الأبرياء في غزة والضفة الغربية، والانتهاك المستمر للقوانين الدولية، ليس مجرد سياسة داخلية، بل أداة لضمان استمرار هيمنة إسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، ومحاولة لإخفاء إخفاقاتها السياسية والاقتصادية أمام شعبها والمجتمع الدولي. هذه السياسات الاستفزازية لا تهدف فقط لإعادة إنتاج أوهام التوسع، بل تعمل أيضًا على تصعيد الصراع، وخلق أزمات إقليمية يمكن أن تُستغل داخليًا لتغطية فشل القيادة السياسية الإسرائيلية.
الأردن، في هذا السياق، ليس مجرد مراقب سلبي، بل لاعب رئيسي قادر على إفشال هذه المخططات. من خلال خبرته الدبلوماسية الطويلة، وعلاقاته الإقليمية والدولية، يثبت الأردن يومًا بعد يوم أنه قادر على موازنة القوى، وفرض سياسات تمنع أي محاولة لتغيير الواقع على الأرض. الأردن يمتلك القدرة على التحرك السياسي على عدة مستويات: داخليًا من خلال تعزيز الوحدة الوطنية والمواجهة القانونية، وإقليميًا عبر التنسيق مع الدول العربية الشقيقة، ودوليًا من خلال العمل على استصدار مواقف واضحة وصريحة من المجتمع الدولي لمنع أي عدوانية إسرائيلية جديدة.
فلسطين، بالنسبة للأردن، ليست مجرد قضية سياسية، بل خط أحمر لا يمكن تجاوزه. أي حديث عن «إسرائيل الكبرى» هو مجرد سراب سياسي لا يمكن أن يتحقق إلا في أحلام نتنياهو وأشباهه من القادة المتعجرفين. القوة العسكرية والخطابات الإعلامية الاستعراضية لن تنجح في تغيير الحقائق التاريخية والسياسية: الأردن ثابت، فلسطين حرة، والشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه المشروعة.
الغطرسة الصهيونية مهما بلغت لن تثني إرادة العرب، ولن تغيّر الحقائق الراسخة. كل محاولات نتنياهو لإعادة إنتاج أوهام التوسع ستصطدم بإرادة شعب عربي متحد، وبقدرة القيادة الأردنية على التعامل مع كل التهديدات بحكمة وحنكة سياسية. الأردن يمتلك أدوات الردع القانونية والدبلوماسية والسياسية، ويعرف كيف يحول أي محاولة إسرائيلية لتقويض الاستقرار إلى فشل ذريع على جميع المستويات.
نتنياهو يظن أنه قادر على فرض أوهامه، لكنه يغفل حقيقة أساسية: الأردن، بصلابته وتاريخه العريق، قادر على إفشال أي مؤامرة مهما عظمت، وأن الأمن والاستقرار العربي لن يكونا مطية لأوهام كيان غاصب. تصريحات نتنياهو الأخيرة هي انعكاس لفشل داخلي وعزلة دولية، وليست سوى محاولة لتوجيه الأنظار عن جرائم حكومته، لكنها في المقابل تكشف للعالم حجم التحدي الذي يمثله الأردن في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحقوق الفلسطينيين.
في المحصلة، الأردن اليوم ليس مجرد دولة؛ إنه قوة إقليمية فاعلة، حائط صد أمام الطموحات التوسعية، ورمز للثبات السياسي والاستراتيجي. القيادة الأردنية أثبتت أنها قادرة على إدارة التوازنات الإقليمية والدولية، وحماية الحقوق الوطنية والوطنية العربية، وضمان أن أي مؤامرة إسرائيلية لن تمر دون مواجهة قوية وحازمة. الأردن، بهذا الدور، يظل نموذجًا للثبات والمواجهة، وحاميًا للحقوق الفلسطينية، وراسخًا كحائط منيع أمام أي مخطط توسعي صهيوني، بما يحفظ الأمن والاستقرار الإقليميين ويؤكد قدرة الدولة على التصدي لأي تهديد مهما بلغ حجمه.

قد يعجبك ايضا