أزمات غزة وأوكرانيا تضع المجتمع الدولي أمام اختبار خطير
كتب: محرر الشؤون السياسية
العقبة اليوم – تشهد الساحة الدولية تداخلًا حادًا بين أزمات الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، ما يرفع من مستوى القلق العالمي ويضع المجتمع الدولي أمام اختبارات سياسية وعسكرية معقدة.
ففي غزة، تتواصل المأساة الإنسانية مع تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لتخفيف المعاناة المتفاقمة في القطاع، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عبّر عن “الاشمئزاز من معاناة سكان غزة”، مؤكدًا ضرورة إيصال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية فورًا، مشددًا في الوقت نفسه على أن حماس يجب أن تطلق سراح الرهائن وألا يكون لها دور في حكم فلسطين مستقبلاً.
كما أعلن ستارمر عن اعتزام بريطانيا الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل إذا لم توافق إسرائيل على معالجة الأزمة الإنسانية.
على الأرض، المشهد مأساوي؛ فقد أعلنت مصادر طبية في غزة عن سقوط 38 شهيدًا منذ فجر اليوم، بينهم 17 من طالبي المساعدات في عدة مناطق بالقطاع، إضافة إلى انتشال جثامين 4 شهداء قرب محور نتساريم وسط القطاع.
خدمات الإسعاف والطوارئ أفادت كذلك بإصابة 84 شخصًا بنيران جيش الاحتلال شمال القطاع، في وقت تحذر الأمم المتحدة من أن حياة أكثر من 100 طفل خديج في خطر بسبب نقص الوقود.
وفي لبنان، تصاعد التوتر مع استهداف الطيران الإسرائيلي لبلدة تولين جنوب البلاد ما أدى إلى استشهاد شخص وإصابة آخر، فيما يواصل حزب الله إرسال إشارات متباينة؛ إذ أكد القيادي غالب أبو زينب أن الحزب منفتح على الحوار وأن الورقة المطروحة بشأن السلاح تحمل “نَفَسًا إسرائيليًا”، مشددًا على دعم حصرية السلاح مع تعزيز دور الجيش اللبناني.
وفي الداخل الإسرائيلي، يعيش الشارع حالة غليان غير مسبوقة؛ إذ حاصر آلاف المتظاهرين وزارة الدفاع في تل أبيب احتجاجًا على نية الحكومة احتلال قطاع غزة بدل عقد صفقة لإعادة الرهائن، ووقعت اشتباكات بالأيدي مع الشرطة.
رئيس الأركان الإسرائيلي حذر نتنياهو في اجتماعات مغلقة من أن أي خطة لاحتلال القطاع ستؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، فيما واصل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خطابًا متشددًا، معلنًا أن “تكلفة الحرب بلغت 300 مليار شيكل” وداعيًا إلى “خنق حماس اقتصاديًا ومنع وصول المساعدات إليها”.
في المقابل، تتسع رقعة التوتر عالميًا مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية دون أي اختراق حقيقي رغم الضغوط الأمريكية المكثفة. المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عقد اجتماعًا مطولًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو وُصف بأنه “مثمر للغاية”، في وقت أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن “الجميع متفقون على ضرورة إنهاء هذه الحرب”، ملوحًا بعقوبات اقتصادية شاملة تشمل فرض رسوم 100% على مستوردي النفط الروسي إذا لم يُحرز تقدم سريع في التهدئة.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رحّب بالتطور الدبلوماسي لكنه حذّر من مناورة روسية لكسب الوقت، مؤكدًا أن كييف جاهزة لإنهاء الحرب باتفاق شامل لكنها بحاجة لضمانات دولية حقيقية.
ميدانيًا، صعّدت روسيا هجماتها الجوية على كييف وزابوريجيا، ما أسفر عن مقتل 31 مدنيًا بينهم 5 أطفال وإصابة 159 شخصًا، فيما دمرت الضربات مدارس ومستشفيات ومبانٍ سكنية، وسط استمرار العمليات الروسية في شرق أوكرانيا واستغلال الأراضي المحتلة لزيادة صادرات الحبوب.
قراءة تحليلية لهذه التطورات تشير إلى أن العالم يقف على حافة تصعيد متزامن في منطقتين حساستين:
-
الشرق الأوسط يعيش لحظة حرجة بين ضغط إنساني متصاعد في غزة وحافة مواجهة شاملة بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وحركات المقاومة الإقليمية من جهة أخرى.
-
أوروبا الشرقية تواجه احتمالية اتساع رقعة الحرب الروسية الأوكرانية، مع سعي واشنطن لفرض تسوية تحت ضغط اقتصادي وعسكري.
تزامن الأزمات يعكس هشاشة التوازنات الدولية، حيث تتحول الملفات الإنسانية إلى أدوات ضغط سياسي، بينما تتقاطع مصالح القوى الكبرى بين الشرق الأوسط وكييف في لوحة جيوسياسية معقدة قد تحدد شكل العالم خلال الأشهر المقبلة.