عناوين تحاصر الأقصى
ماهر أبو طير
مما هو مؤسف ومحزن جدا أن تتصاعد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، كل يوم، حيث باتت واقعا نتفرج عليه وكأنه مجرد أمر واقع.
وزراء إسرائيل يقتحمون الأقصى بدعم من الحكومة الإسرائيلية وحماية الجيش الإسرائيلي، ويتم طرد المسلمين من المسجد يوميا، وتؤدى صلوات وتلاوات داخل المسجد، والخط البياني يتصاعد، بما ينذر بحدوث عدة تداعيات قريبا ستترك أثرا خطيرا على المسجد دينيا وسياسيا وواقعيا.حسابات إسرائيل في الأقصى تقوم على 4 عناوين الأول أن الحرم القدسي لإسرائيل وفقا للتصور الإسرائيلي ويتوجب إقامة منشآت إسرائيلية للصلاة فيه، على أنقاض الأقصى، لتحويل الحرم إلى موقع ديني إسرائيلي، بما يعزز سيادة إسرائيل على القدس، من ناحية دينية وسياسية وعسكرية، وبما يكرس هوية محددة ويشطب هوية المدينة الإسلامية.
الثاني أن الحسابات الأمنية والعسكرية تقول إن لا أحد يقف في وجه إسرائيل فقد تم حرق قطاع غزة، وقتل الأبرياء وتجويعهم، ويتم قصف سورية ولبنان كل يوم، وتم استهداف اليمن وإيران، والقوة الإسرائيلية تعربد في المنطقة، وربما تتجهز لموجة ثانية من الحروب ضد لبنان وسورية وإيران واليمن والضفة الغربية، وربما العراق في مرحلة ما.
أما العنوان الثالث أن هناك دعما أميركيا مفتوحا لإسرائيل ولا خشية مما يسميه البعض حربا دينية دفاعا عن الأقصى، لأن الحرب الدينية بدأت أصلا منذ عام 1948، وم اقبله، وليست جديدة، وهذا الدعم الأميركي يتزامن معه سكوت أوروبي، وغياب عربي وإسلامي.
ويأتي العنوان الرابع مرتبطا بسوار الحماية الشعبية للأقصى في القدس، ولا بد من القول صراحة اليوم انه تم تقييد الكتلة المقدسية تحت وطأة الظروف الأمنية والملاحقات والاضطهاد والسجن والمحاكمات والأوضاع الاقتصادية، في ظل نموذج غزة الدموي، وليس أدل على حالة الشلل في القدس، أن الحرم القدسي تم إغلاقه 12 يوما خلال الضربات الإيرانية الإسرائيلية، ولم يكن هناك رد فعل مقدسي، ربما خشية من إسرائيل.
العناوين الأربعة خطيرة جدا، ولا بد من التنبه لها، بما يعني أن إسرائيل قد تعتقد اليوم انه يمكن الاستمرار في مخطط الاستيلاء على الحرم القدسي كاملا، أو تقاسمه جغرافيا، أو هدم المسجد القبلي أو قبة الصخرة، أو نزع الوصاية الأردنية واستبدالها بتصور قانوني آخر لفرض السيادة عليه، واستبدال الفريق الذي يدير الحرم بفريق آخر يتبع إسرائيل، وعلينا التنبه أيضا لما يجري في الكنيست ولن يكون غريبا تقدم أي كتلة حزبية، أو طرف بمشروع قانون لفرض السيادة الإسرائيلية على الأقصى، ولو بالقراءة الأولى غير الملزمة فورا، وهذا أمر متوقع ولو من باب تسجيل المواقف وإيصال الرسائل داخل إسرائيل وإلى دول العالم.
التركيز على قطاع غزة يجب أن لا يتغافل عما يجري في الضفة الغربية والقدس، وحتى فلسطين المحتلة عام 1948، من حيث تقييد القوى السياسية والشعبية في سياق تفكيك شبكة الحماية للأقصى تدريجيا، ولن يكون غريبا أن نشهد تطورات أخطر داخل الحرم تبدأ بالتقاسم الزمني الكامل، وليس لمجرد ساعات، أي السماح للمسلمين بالدخول ليوم أو يومين أو ثلاثة، وترك بقية الأيام بشكل كامل ليل نهار،\ للإسرائيليين، على طريقة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، وما يتعرض له أمام أعيننا وسمعنا.
والأقصى ليس مجرد مكان من الممكن هدمه وإعادة بنائه، إذ فيه قلب فلسطين، وثالث الحرمين، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم.
الأقصى ليس مجرد حجارة.
(الغد)