تغيّر المناخ يضرب موائد العالم: قفزات قياسية في أسعار الغذاء خلال أسابيع
العقبة اليوم – تشهد أسواق الغذاء العالمية موجة من الاضطرابات السعرية المفاجئة، مع تسجيل ارتفاعات حادة في أسعار بعض المواد الأساسية نتيجة الظواهر المناخية المتطرفة الناجمة عن تغيّر المناخ.
وكشف تقرير حديث صادر عن المركز الوطني للحوسبة الفائقة في برشلونة أن عشرات الأحداث المناخية غير المعتادة، مثل موجات الحر والجفاف والأمطار الغزيرة، أدت إلى زيادات حادة قصيرة الأجل في أسعار مواد غذائية أساسية في عدة دول حول العالم، في مؤشر على هشاشة النظم الغذائية أمام الصدمات البيئية المتسارعة.
وأفاد التقرير، الذي أبرزته صحيفة (20 مينوتوس) الإسبانية، أن هذه الارتفاعات السعرية لم تعد مجرد انعكاس لانخفاض الإنتاج على المدى الطويل، بل أصبحت تحدث بوتيرة سريعة بعد أشهر قليلة من وقوع الظواهر الجوية المتطرفة. وأكد الباحث الرئيسي في الدراسة، ماكسيميليان كوتز، أن هذه الظواهر “غير مسبوقة تاريخيًا”، موضحًا أن درجات الحرارة الأخيرة تجاوزت النطاق الطبيعي في مناخ غير متأثر بالانبعاثات البشرية.
وقدّم التقرير أمثلة واضحة على هذه الاضطرابات، حيث ارتفعت أسعار زيت الزيتون في أوروبا بنسبة 50% خلال عام 2024 نتيجة موجات جفاف طويلة في جنوب إسبانيا بين 2022 و2023.
وفي الهند، شهدت أسعار البصل قفزة بلغت 89% بعد موجة حر عنيفة في مايو الماضي، بينما ارتفعت أسعار الملفوف في كوريا الجنوبية بنسبة 70% عقب صيف قياسي الحرارة.
وفي اليابان، ارتفعت أسعار الأرز بنسبة 48% في سبتمبر بعد موجة حر شديدة ضربت البلاد في أغسطس، فيما شهدت الصين ارتفاع أسعار الخضراوات بنسبة 30%، وفي الولايات المتحدة قفزت أسعارها بنسبة 80% في نوفمبر 2022 بسبب الجفاف في كاليفورنيا وأريزونا.
ويحذر الخبراء من أن هذا النمط مرشح للاستمرار والتفاقم مع تصاعد وتيرة تغير المناخ، حيث أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة أكثر حدة وتكرارًا مما كانت عليه قبل 30 أو 40 عامًا.
كما أن انعكاسات هذه الصدمات لا تتوقف عند ارتفاع الأسعار فقط، بل تمتد لتزيد التضخم الغذائي، وتضغط على الأسر ذات الدخل المحدود، وقد تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية واجتماعية في الدول الأكثر هشاشة.
ويؤكد الباحثون في المركز الوطني للحوسبة الفائقة الإسباني، أن تواتر هذه الأحداث يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن الغذاء العالمي، داعين إلى تطوير استراتيجيات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز مرونة سلاسل الإمداد الغذائي لمواجهة الصدمات المستقبلية المتوقعة.