غزة بين المجاعة والتصعيد العسكري وضغوط الاعتراف بالدولة الفلسطينية
كتب: محرر الشؤون السياسية
تشهد الساعات الأخيرة تصاعدًا في المشهدين الميداني والسياسي المتعلقين بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وسط تعقيدات إنسانية غير مسبوقة وضغوط دولية متنامية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ميدانيًا، أكد قائد القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، وفق ما نقلته القناة 12، أن الحرب “طويلة وصعبة ومرهقة لكنها ضرورية”، مشددًا على أن العمليات لن تتوقف حتى تحقيق هدفي إعادة المخطوفين وهزيمة حماس.
وفي السياق ذاته، أظهرت تصريحات وزيرة المواصلات الإسرائيلية تشددًا لافتًا، إذ قالت: “لا توجد مجاعة ولا كارثة إنسانية ولا أبرياء أو غير متورطين في قطاع غزة”، في محاولة لنفي الرواية الإنسانية المتفاقمة.
على الأرض، تكشف بيانات وزارة الصحة في غزة حجم الكارثة الإنسانية، حيث وصل عدد الشهداء منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 60,239، إضافة إلى 146,894 مصابًا، مع تسجيل 101 شهيد خلال 24 ساعة فقط.
كما أعلن مجمع ناصر الطبي عن سقوط 4 شهداء وعشرات المصابين قرب مركز مساعدات شمال رفح، بينما تحدثت وزارة الصحة عن وفاة طفل وشخص آخر بسبب المجاعة وسوء التغذية.
وكشفت تقارير اليونيسف والمستشار الإعلامي للأونروا للجزيرة عن صورة قاتمة للوضع الصحي، إذ أكدت أن المجاعة تتفاقم، ومعظم مواليد غزة يعانون نقص الوزن والطول بسبب سوء التغذية، في ظل تدمير محطات تحلية المياه وانتشار الأمراض نتيجة تلوثها، إضافة إلى محدودية إدخال المساعدات الإنسانية بسبب استمرار العمليات العسكرية.
دوليًا، تبرز ألمانيا بوصفها طرفًا محوريًا في الضغوط السياسية، حيث دعا وزير خارجيتها من إسرائيل إلى بدء الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية، معتبرًا أن حل الدولتين هو المسار الوحيد لضمان حياة آمنة وكريمة للإسرائيليين والفلسطينيين.
كما طالب إسرائيل بـ فتح الممرات البرية بشكل عاجل لإدخال المساعدات الإنسانية، هذه الدعوات جاءت متزامنة مع رسالة من أكثر من 200 شخصية إعلامية وثقافية وفنية ألمانية تطالب الحكومة بوقف تصدير السلاح لإسرائيل وتعليق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والدفع نحو وقف إطلاق نار فوري.
وفي واشنطن، أفادت “سي إن إن” بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب شاهد صورًا لأطفال جياع في غزة قبل مغادرته لاسكتلندا، واستفسر عن إمكانية تقديم المساعدة، لكن مسؤولين أكدوا أنه لا يزال ملتزمًا بدعم إسرائيل بالكامل رغم هذا الموقف الإنساني الرمزي.
على صعيد متصل، تكشف مصر عن انعكاسات الأزمة على الاقتصاد العالمي، حيث أعلن رئيس هيئة قناة السويس تراجع مرور السفن إلى أقل من النصف، مع انخفاض العدد اليومي إلى نحو 35 سفينة مقارنة بـ75 إلى 80 سابقًا، نتيجة هجمات البحر الأحمر.
في المحصلة، تبدو غزة عالقة بين آلة الحرب الإسرائيلية التي تؤكد استمرارها حتى تحقيق أهدافها، والمأساة الإنسانية المتصاعدة التي تثير قلق المجتمع الدولي.
الضغوط الأوروبية تتزايد نحو وقف إطلاق النار والاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما يظل الموقف الأميركي متناقضًا بين التعاطف مع الأزمة الإنسانية والدعم السياسي والعسكري المطلق لإسرائيل.