المفتاح في طبق العشاء.. كيف يؤثر الطعام على أحلامنا؟
كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة مونتريال في كندا، ونشرت في مجلة “Frontiers”، أن قرابة 40% من المشاركين لاحظوا تأثير نظامهم الغذائي على جودة نومهم. وقد شملت الدراسة أكثر من 12 صنفًا غذائيًا، وتبين أن الحلويات، والأطعمة الحارة، ومنتجات الألبان كانت من أكثر المسببات لاضطرابات النوم. في المقابل، ساعد تناول الفاكهة، والخضروات، ومشروبات الأعشاب على تحسين النوم.
ومن المثير للاهتمام أن نحو 5.5% من المشاركين أشاروا إلى أن ما يتناولونه من طعام يؤثر بشكل مباشر على محتوى أحلامهم، لا سيما الأطعمة الغنية بالسكر ومنتجات الألبان، التي ارتبطت بزيادة فرص حدوث الكوابيس.
الطعام وتأثيره على الأحلام
“الجعان يحلم بسوق العيش”، مثل شعبي يلخص العلاقة القديمة بين الطعام وما نراه أثناء النوم. كثير من الروايات الشعبية تشير إلى أن تناول الجبن أو الأطعمة الثقيلة قبل النوم قد يكون سببًا في رؤية أحلام مزعجة.
ويفسر الباحثون هذه الظاهرة بأن تناول وجبات ثقيلة، حارة، أو غنية بمنتجات الألبان قبل النوم قد يؤدي إلى اضطرابات هضمية مثل الانتفاخ أو الحموضة، ما ينعكس على جودة النوم ويزيد من احتمالية رؤية الكوابيس.
وليست هذه أول دراسة تربط بين الطعام والأحلام، إذ أظهرت دراسة كندية في عام 2015 أن 18% من المشاركين لاحظوا علاقة بين ما تناولوه من طعام وأحلامهم. وفي دراسة أخرى عام 2022، تبين أن الأشخاص الذين تناولوا وجبات عالية السكر قبل النوم، كانوا أكثر قدرة على تذكّر الكوابيس في صباح اليوم التالي.
الطعام وجودة النوم
لا يقتصر تأثير وجبتك الأخيرة على طبيعة أحلامك فقط، بل يمتد ليؤثر على عمق النوم وجودته. فقد أكدت دراسات أن نوعية الأطعمة وتوقيت تناولها قد يكونان عاملين مساهمين في النوم العميق أو في اضطرابات الأرق والساعة البيولوجية.
وهذه أبرز العناصر الغذائية التي تدعم النوم الجيد:
-
التربتوفان: حمض أميني يساعد الجسم على إنتاج السيروتونين، الذي يتحول إلى الميلاتونين، وهو الهرمون المنظم للنوم. من مصادره: الدواجن، البيض، الكرز، السلمون.
-
المغنيسيوم: يساعد على استرخاء العضلات وتنظيم المزاج وضغط الدم. يوجد في: اللوز، الأفوكادو، الفاصوليا السوداء، بذور اليقطين.
-
أوميغا 3: يدعم جودة النوم ويزيد التركيز في اليوم التالي. يتوافر في: بذور الكتان، الشيا، الجوز، والسلمون.
-
فيتامينات B6 وB12: ضرورية لصحة الدماغ وتنظيم دورة النوم. نقصها قد يسبب تقلبات مزاجية وصعوبة في النوم. مصادرها: التونة، السلمون، الحمص، البطاطا الحلوة، اللوز، والأفوكادو.
-
فيتامين D: انخفاض مستوياته قد يرفع هرمون التوتر (الكورتيزول)، مما يؤثر سلبًا على النوم، لذا يُنصح بفحص مستوياته بانتظام.
في المقابل، يُنصح بتجنب الأطعمة الدسمة أو الحارة، وتجنب تناول الطعام قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات، مع الابتعاد عن المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل النوم بست ساعات على الأقل.
هل يساعد الصيام على نوم أفضل؟
كما يؤثر الطعام على النوم، فإن الصيام له أثر مماثل. وقد عرف البشر الصيام منذ القدم، سواء لأسباب صحية أو دينية، بينما يشهد “الصيام المتقطع” انتشارًا واسعًا مؤخرًا كوسيلة لتحسين الصحة وخسارة الوزن.
الصيام المتقطع يقوم على تخصيص ساعات معينة لتناول الطعام يوميًا، تليها فترة انقطاع، ومن أشهر أنواعه:
-
صيام 16 ساعة مقابل 8 ساعات للطعام
-
نظام 12:12 (توازن بين الأكل والانقطاع)
-
صيام يوم كامل
-
الصيام من الشروق إلى الغروب (كما في الصيام الإسلامي)
وتشير الدراسات إلى أن هذا النمط من الصيام قد يساعد في تحسين جودة النوم عبر تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية، من خلال تثبيت أوقات الوجبات.
مع ذلك، قد يواجه بعض الأشخاص صعوبة في النوم خلال الأيام الأولى من اتباع هذا النمط، نتيجة لزيادة مؤقتة في هرمون الكورتيزول بسبب الشعور بالجوع. لكن مع التعود، يعتاد الجسم على النظام الجديد. يُوصى أيضًا بشرب كميات كافية من المياه خلال اليوم، وتجنب شرب السوائل قبل النوم مباشرة لتقليل الاستيقاظ الليلي.
تغذية الأطفال والنوم
النوم ضروري لنمو الأطفال العقلي والبدني، والغذاء يلعب دورًا مهمًا في ذلك. إليك بعض النصائح المهمة:
-
توقيت الوجبة: من الأفضل أن يتناول الطفل وجبته الأخيرة قبل ساعتين إلى ثلاث من موعد النوم.
-
مكونات العشاء: يُفضل أن تحتوي الوجبة على مزيج من الكربوهيدرات المعقدة، البروتين، ومصادر التربتوفان. وإن شعر الطفل بالجوع بعد ذلك، يمكن تقديم وجبة خفيفة مثل: الشوفان، أو خبز الحبوب الكاملة مع زبدة الفول السوداني أو الزبادي.
-
تجنّب السكريات مساءً: السكر يرفع مستوى الغلوكوز بشكل مفاجئ ثم ينخفض بسرعة، مما يؤدي إلى إفراز الكورتيزول الذي يعيق النوم.
-
تنظيم السوائل: تأكد من أن الطفل يشرب ما يكفي من الماء خلال النهار، مع تقليل كمية السوائل قرب وقت النوم لتجنب الاستيقاظ الليلي.
-
انتباه لمصادر الكافيين المخفية: الأطفال أكثر حساسية للكافيين، حتى الكميات الصغيرة الموجودة في الشوكولاتة، المشروبات الغازية، بعض أنواع الآيس كريم، أو ألواح البروتين، بل وحتى بعض الأدوية.
سواء كنت تبحث عن نوم مريح بعد يوم طويل، أو ترغب بالابتعاد عن كوابيس مزعجة، تذكّر دائمًا أن المفتاح قد يكون ببساطة في طبق عشائك.