إعتراف الوزير ليس سراً
ماهر أبو طير
ما الذي كانت تفعله كل الحكومات السابقة وهي ترى بأم عينيها سنويا أن الأردن كان على مشارف وضع خطير، وأدلته متعددة؟
نرتهن لإسرائيل في قصة المياه، وكل يومين تهدد اسرائيل بقطع المياه عن الأردن، والغاز ايضا بما قد يوقف تدفق الكهرباء الى البيوت، ونطالب الاشقاء السوريين بحصص من المياه، فيما تسطو اسرائيل ايضا على احواض المياه التي تزودنا في جنوب سورية.
يخرج قبل ايام وزير المياه والري رائد أبو السعود ويؤشر في حواره مع الزميل المخضرم انس المجالي عبر برنامج ستون دقيقة الذي يبثه التلفزيون الأردني على نفاد مخزون غالبية السدود باستثناء سد الملك طلال الذي يتغذى من مصادر غير مرتبطة بالأمطار، في الوقت الذي يعد فيه الأردن على رأس قائمة الدول الأكثر فقراً مائياً في العالم، مؤكدا ان الحل الاستراتيجي يكمن في تنفيذ مشروع الناقل الوطني للمياه الذي يقوم على تحلية مياه البحر الأحمر وضخها إلى مختلف المناطق في المملكة، فيما الكلفة المباشرة للمشروع تبلغ نحو 4 مليارات دينار اي 5.5 مليار دولار، وقد تصل إلى 6 مليارات دينار مع احتساب كلفة التمويل اي نحو 8.4 مليار دولار، وقد استعرض الوزير الاعمال الاولية للبدء بتنفيذ المشروع في عهد الحكومة الحالية، وهي سوف تستغرق سنوات.
قصتنا هنا ليست الواقع الحالي وحسب، بل السؤال حول الذي كانت تفعله كل الحكومات السابقة، وهي ترصد تراجع نسب هطول الامطار، وخسارة اغلب الامطار في الشوارع بدلا من جمعها، وما الذي كانت تفعله امام التغيرات المناخية، وزيادة عدد السكان، ولماذا لا نتحرك الا بعد ان تقع الفأس في الرأس، ونصير في وضع حرج على صعيد مياه الشرب والزراعة، وسط محيط متفجر ايضا.
محاكمة العهود السابقة، ليست مفيدة اليوم، لأن كل حكومة سابقة ستقول لك ان المشكلة كانت في كذا وكذا، والتبريرات لن تتوقف.
من المؤسف ان نعبر وضعا حرجا في اهم الملفات وتحديدا المياه والطاقة، إذ لا يعقل ان يتم ترك الامور لتتراكم حتى تصل الى درجة اعلان خلو السدود من المياه، والكل يعرف ان التراجع في السدود بدأ تدريجيا منذ سنوات طويلة، إلا أن حكوماتنا على نياتها وبركتها مثل اجدادنا الفلاحين، يتركون التخطيط والحلول الجذرية وينتظرون ما يجود به الشتاء، وهو شتاء بات مختلفا، في كل المنطقة.
الجانب السياسي في كل القصة يرتبط بعدة امور ابرزها الارتهان لإسرائيل في ملف المياه، وهي التي تسطو على كل مصادر المياه في فلسطين، وتسللت الى مياه جنوب سورية وجنوب لبنان، لأنها تدرك ان حرب المياه اخطر من كل الحروب، وليس ادل على ذلك من حرب المياه التي تم شنها على مصر في ملف سد النهضة، في سياقات تجفيف مصر على المدى المتوسط والبعيد وخنقها.
ربما تحاول الحكومة الحالية حل المشكلة، وهذا واضح، لكن تخيلوا معي لو كان التدخل مبكرا قبل سنوات طويلة بدلا من اجتماع الازمات في توقيت واحد، كما يتنزل السؤال حول الوضع خلال السنوات المقبلة حتى ينتهي مشروع الناقل الوطني، وكيف سنعبر السنين القادمة الصعبة، وهذا سؤال بحاجة الى اجابة؟.
اعتراف الوزير بخلو السدود من المياه ليس سرا، اذ كانت هناك شفافية متواصلة حول وضع السدود، والوضع المائي، وهذه ارقام متراكمة على مدى سنوات، لكن الذي يقهر القلب حقا، اننا دائما نسكت حتى نصل حافة الازمة وما بعد الحافة، ثم نبدأ بالاستغاثة.
هذه بلاد يستحق اهلها حياة افضل من هذه الحياة، والحكومة الحالية مطالبة بالدخول لكل الملفات الاستراتيجية وايجاد حل جذري لها، حتى لا يتم ترحيل الازمات وجدولتها الى سنوات متأخرات.
الغد