إضاءة على أدب “اليوتوبيا”.. مسرحية “الإنسان الآلي” نموذجًا

4

في قراءة متجددة لمسرحية “الإنسان الآلي” (R.U.R) للكاتب التشيكي كارل تشابيك، تبرز مجددًا المخاوف من هيمنة التكنولوجيا وفقدان الإنسان لجوهره الروحي، وهي قضايا ما زالت تثار بقوة في ظل التطورات المتسارعة في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

تعد المسرحية، التي كتبت في عام 1920، من أبرز الأعمال التي تناولت ما يعرف بـ “اليوتوبيا المضادة”، حيث تعرض بأسلوب درامي ساخر ومأساوي في آن واحد، فكرة تمرد الآلة على صانعها، وانقلاب الحلم التكنولوجي إلى كابوس وجودي.

تحذير مبكر من “يوتوبيا علمية متغطرسة”

ينقسم العمل بين تيارين فكريين: الأول يرى في الروبوتات وسيلة لتوفير الراحة والرفاهية للبشر، والآخر يحذر من ضياع الإنسانية وسط الآلات الميكانيكية. وبين هذين التيارين، تتطور الأحداث داخل “مصنع روسوم للإنسان الآلي”، حيث تصنع كائنات بلا مشاعر أو وعي، سرعان ما تنقلب على البشر وتقضي عليهم جميعًا.

في لحظة درامية مفصلية، تكشف المسرحية عن توقف التناسل البشري، وانقراض الإنسان تدريجيًا، في مشهد يحاكي “عقابًا كونيًا” لانفصاله عن بعده الروحي، بحسب قراءة بعض النقاد.

صدى معاصر وأسئلة أخلاقية

اللافت في العمل هو استباقه لكثير من الأسئلة الأخلاقية التي نواجهها اليوم في عصر الذكاء الاصطناعي، إذ يناقش حدود السيطرة على التكنولوجيا، ومآلات فقدان الحس الإنساني في سبيل التطور الصناعي.

وينتهي العمل بتدمير المصنع على يد الآليين أنفسهم، في إشارة رمزية لانهيار مشروع حضاري قام على إنكار الروح لصالح المادة، مع إبقاء شخصية “الكويست” حيّة، بوصفه ممثلًا للإيمان والضمير، حيث يُختتم المشهد به يقرأ من الإنجيل: “ورأى الله كل ما عمله، فإذا هو حسن جدًا.”

مسرحية خالدة في أدب اليوتوبيا

يصنف النقاد “الإنسان الآلي” ضمن الأعمال الخالدة في أدب اليوتوبيا المثالية المضادة، حيث توظف الخيال العلمي لتوجيه تحذير فلسفي عميق من مغبة عبودية الإنسان للتقنية، وتؤكد في الوقت نفسه الحاجة إلى التوازن بين التقدم العلمي والقيم الأخلاقية.

إنسان روسوم الآلي بالمسرحية (غيتي)
إنسان روسوم الآلي بالمسرحية (غيتي)
قد يعجبك ايضا