هل سيتأثّر رئيس الحكومة بالضغوط؟
ماهر أبو طير
ليس سرًّا أن رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان سيُجري تعديلًا على حكومته، ومنذ بداياتها، وكلّ الذين حوله وحواليه يقولون إن التعديل قادم.
هذا يعني أن كثرة الحديث عن التعديل لن تؤدي إلى رضوخ الرئيس تحت وطأة الضغوط ليستجيب ويُجري تعديلًا، كما أن تجييش الرأي العام بسبب أي قرارات، أو زلات لسان لوزراء، أو حتى أي أخطاء، لن يؤدي إلى الاستعجال بالتعديل كما يتوقّع البعض، وإن كان المشهد يبدو أكثر قابلية لاستيعاب الحملات وإجراء التعديل، إلّا أن الأمر يجري ببطء.
ومع ذلك، فإن كثرة التوقّع بالتعديل تُشبه خروج أحدهم ليقول إنّ المطر قد ينهمر في الشتاء، فإذا جاء الشتاء خرج ليقول: ألم أقل لكم إن المطر قادم؟ وهو هنا لا ينفرد بمعلومة حصرية، بل يتوقّع أمرًا من المتوقّع حصوله.
هذا يعني أن قرار التعديل على الحكومة مؤكّد، لكن توقيته غير معروف، وقد أصبحنا نتحدّث الآن عن الشهر المقبل، أو الذي يليه، وبدأت موجة جديدة تتحدث عن رحيل كامل الحكومة بعد حلّ البرلمان، وهكذا تتسرّب القصص بين أصابعنا كما الرمل، دون حسم نهائي، ودون دلالة نهائية، ودون تمييز بين المعلومة أو نصف المعلومة أو الإشاعة الموجّهة.
في كل الأحوال، من حقّ الرئيس إجراء تعديل وزاري إذا حصل على الضوء الأخضر، وعلى الأغلب سيخضع الأمر لحسابات متعددة، محلية وإقليمية، تستبصر التوقيت بدقة، إضافة إلى تقييم تجربة الوزراء على مستوى الأداء داخل الحكومة، مع وجود قطاعات تُثار بحقّها تقييمات ناقدة مثل السياحة، والاستثمار، وغيرها، فضلًا عمّا يرتبط بتقييم الرئيس ذاته لتجربته السياسية والاقتصادية، من حيث القرارات التي تمّ اتخاذها وجدواها، وما يتعلق بالجولات التي تتواصل، مع أهمية وقوف الرئيس عند مدى تجاوب الوزراء مع التوجهات العامة، ومدى قبولهم شعبيًّا، خصوصًا أن شعبية المسؤول تعني أمرًا مختلفًا عن الشعبوية هنا، وتعبّر عن مدى اقترابه من قضايا الناس وهمومهم وتطلعاتهم.
سؤال التعديل الوزاري ليس سؤالًا عامًّا بقدر ما هو سؤال نخبوي، لكنه أيضًا أصبح سؤالًا إجابته غير مثيرة للفضول أصلًا، وأضحى التعديل بمثابة عملية جراحية عاجلة، لاعتبارات مختلفة، فيما قدرة الرئيس على الاستمرار كل هذه الفترة دون تعديل، صنعت نظرية ثانية تقول إن الاستقرار الوزاري في بعض الحالات أفضل، وأن ترقية أداء الوزراء قد يكون خيارًا أولًا بدلًا من إحراجهم بسرعة بسبب خلاف مهني أو شخصي.
مناسبة هذا الكلام أن كثيرين يتحدثون عن أن الرئيس تحت ضغط التلاوم و”سلق الألسن” في عمّان بسبب تصريحات وزراء سمعناها مؤخرًا، وأنه سيندفع مُجبرًا نحو تعديل وزاري للتخلّص من أي حمولات زائدة، لكن في توقّعات لآخرين يعرفون عناد الرئيس عن قرب، فقد يفعل العكس تمامًا ويواصل تثبيت حكومته حتى يأتي التوقيت المناسب وفقًا لمعاييره في إدارة الأمور.
ما يهمّنا فقط أمران في الأردن: أن يبقى البلد مستقرًّا، وأن تتغيّر الظروف الاقتصادية. أمّا من يذهب، ومن يجيء، فليست قصة في عمّان وأخواتها.
(صحيفة الغد)