أوقفوا السيرك المروري!
عمران السكران
تحية تقدير لكل “نجوم السيرك المتنقل” في شوارع عمان والزرقاء وغيرها! أنتم فعلاً فنانو القيادة الحرة بلا نصر، حيث تتحول الإشارة الحمراء إلى زينة ديكور، والسرعة القصوى مجرد رأي شخصي، والوقوف المزدوج إلى مهارة يتقنها أصحاب “الكابتشينو الساخن” أمام المقاهي والمطاعم.
في شوارعنا، أولوية المرور لا تُمنح بل تُنتزع، وفق معايير إبداعية مثل حجم المركبة وجرأة السائق، أما المشاة، فهم مجرد عابري سبيل في فيلم أكشن، مهمتهم الأساسية اختبار جهوزية الفرامل، والسؤال: هل نمتلك ثقافة مرورية حقيقية، أم أن السير مجرد دائرة حكومية نعرف اسمها ولا نعرف دورها؟
أما أنتم، حضرات المسؤولين، فإليكم باقة من الملاحظات الصريحة:
- مديرية السير: مخالفاتكم تحوّلت لدى البعض إلى اشتراك شهري في نادي “اللامبالاة”، ما رأيكم بابتكار نظام خصومات على المخالفات المتكررة؟ أو ربما إلزام المخالفين بتنظيف الشواخص بدلاً من دفع الغرامة!
- وزارة التربية والتعليم: نعم، مناهج الثقافة المرورية موجودة، لكن أين التطبيق؟ أليس من المفيد تعليم الطلبة كيف ينجون من دوار الداخلية، أو كيف يفسرون إشارات اليد العشوائية عند التجاوز؟
- وسائل الإعلام: رسائل التوعية جيدة، لكنها قديمة ومكررة، لماذا لا ننتج برنامجاً واقعياً بعنوان “التزام على الرصيف”، أو حملة “كيف نقطع شارع المدينة دون أن نركض!”.
- أمانة عمان والبلديات: الشواخص المرورية تختفي خلف الأشجار والغبار، والطرقات تشبه ألعاب الفيديو، ومطبات ترسم حسب أهواء ريشة فنان الحارة .. هل يعقل في طريق واحد تتعدد اشكالها المدببة .. هل ننتظر أن تُصمم الخرائط بناءً على عدد المفاجآت في الطريق؟
أيها السائقون والمسؤولون، ما نحتاجه ليس المزيد من القوانين، بل احترام الشارع من قبل السائقين والمشاة، فهذه الخطوط السوداء الممتدة على بساط الحياة لها حرمتها وقوانينها .. علينا احترامها، قبل أن تتحول شوارعنا إلى مقابر متناثرة، دعونا نعيد تعريف القيادة على أنها سلوك حضاري لا حلبة منافسة.
الشارع ليس ميدان اختبار شجاعة، بل مساحة مشتركة تتطلب وعياً، وتعاوناً، واحتراماً…. فلنتوقف عن لعبة “من يده أثقل”، ولنعطِ المشاة حقهم، ولمن له الأولية مصيره .. ونمنح الحياة فرصة للمرور.
متى نتوقف عن لعب دور الجلاد والضحية في الشارع؟