حين تصبح المؤسسات ساحة لاعادة تدوير الفشل ..

 نادر خطاطبة

36

الأصل ان لا يمر قرار تعيين مسؤول سابق عوقب بالإهمال الوظيفي، وحكم بالسجن والغرامة، بمنصب اخر، معني بـاستثمار موارد وطنية، مرور الكرام ، فالقضية ليست مجرد إجراء إداري، بقدر ما هي قضية قيمية وأخلاقية تمس مفهوم المنصب العام ومعايير النزاهة.

نقر ان لكل إنسان حتى ولو اخطأ – كمبدأ إنساني مشروع – الحق في فرصة ثانية، لكن الفرصة لا ينبغي أن تكون على حساب الوطن وثرواته، ولا في مواقع سيادية تتطلب أعلى درجات الكفاءة والاهتمام، الى جانب الامانة طبعا، والا فإن المؤسسات العامة في حال لم نجد كفاءات جديدة لادارتها، الا من جرب وفشل، بل وادين قضائياً، امر يضعنا أمام مشكلة أعمق بكثير من شخص أو اسم بعينه.

والاصل ايضا، ان المنصب العام ليس هبة ولا مكافأة، بقدر ما هو تكليف مرتبط بثقة الناس ، وحسن إدارة المال والموارد العامة، بالتالي فالإدانة القضائية السابقة في مجال وظيفي، بعد إن استوفت شروطها القانونية، ستبقى وصمة في سجل أي مسؤول، يفترض ان تجعل من مسألة إعادة تدويره او استخدامه في موقع اخر مثار ريبة وعدم اطمئنان.
القصة التي نحن أمامها هي ليست الأولى بل متكررة، وتحمل رسائل سلبية اقلها ان المحاسبة شكلية، وأن معايير النزاهة والشفافية مجرد شعارات، وأن الثقة العامة ليست أولوية، وهذا بحد ذاته غير محمود بظل الظروف الحالية، على صورة الدولة ومصداقية مؤسساتها.
اللافت انه على الرغم من وجود سلطة تشريعية، الا ان الرصد لمواقفها منذ ساعة اشهار التعيين امس، كانت بمطالبة فردية من نائب ( فراس القبلان ) حول هذا التعيين، “وكيف ينسجم مع معايير الكفاءة والنزاهة والاستقامة والشفافية في الإدارة العامة” فيما الاحزاب والقوائم والكتل متغيبة عن المشهد، ولسان حالها كأنه يقول “بظل العجز نلوذ بالصمت، الذي هو أبلغ من الكلام ” .
نكتب بين حين وآخر، كوننا لطالما حلمنا بوضع معايير واضحة وملزمة، تمنع عودة المسؤول ان أُدين في قضايا وظيفية أو مالية إلى المناصب العامة، لكن القرارات المقابلة تشي ان المحاسبة بلا تبعات، بالتالي فهي لا معنى لها، فنصاب بالاحباط، لكننا نعاود الكتابة، احيانا ببعض الجوانب على امل … خاصة تلك المتصلة بإدارة الموارد الوطنية المفترض ان لا تحتمل المجازفة ولا إعادة التدوير.

قد يعجبك ايضا