روبوتات الدردشة تحاصر المراهقين… هل نحن بصدد جيل لا يعرف التفكير؟

عمران السكران

67

إذا كنت تعتقد أن أطفال اليوم يقضون وقتهم في اللعب في الخارج، فكر مجددًا لأنه في عالمنا الحديث، أصبح لكل طالب “صديق رقمي” على شكل روبوت دردشة، يمكنه كتابة الواجبات، حل مسائل الرياضيات، وحتى صياغة المقالات، بينما يجلس الطفل مبتسمًا، وكأن كل شيء على ما يرام، نعم، التكنولوجيا رائعة، لكن هل نحن بصدد جيل سيعرف كيف يفكر إذا لم يترك له المجال للتفكير أصلاً؟

تخيل طالبًا يواجه سؤالًا صعبًا، بدل أن يحك رأسه، أو يقلب كتابه، أو يتجادل مع زميله حول الحل، يكتب السؤال في روبوت الدردشة ويضغط زر “أرسل”، النتيجة؟ الإجابة جاهزة، ابتسامة على الوجه، ومهارات التفكير النقدي… في عطلة دائمة.

والأدهى من ذلك، أن بعض المراهقين بدأوا يكّونون صداقات وهمية مع الروبوتات، يبدؤون يومهم بـ”صباح الخير يا صديقي!”، وينسون أحيانًا أن يتحدثوا مع البشر الحقيقيين حولهم.

المشكلة تتجاوز المدارس، ففي العمل، الصحفي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في كتابة المقالات وإعادة صياغة ووضع عناوين وتصحيح إملائي وغيرها من الفنون الصحفية التي أصبح معظمنا يستلذ بالأزرار، ويصبح الصحفي دوره مجرد مراقب يبتسم أمام الشاشة، بينما الطبيب قد يثق كثيرًا بتشخيص آلي، ويجد نفسه أكثر ارتباطًا بالروبوت من المريض، ما قد يؤدي لأخطاء… أو على الأقل لتقليل الإبداع المهني.

النتيجة الأكثر إثارة للقلق؟ جيل يخرج من المدارس والجامعات لا يعرف كيف يكتب مقالًا أو يحل مشكلة دون مساعدة روبوتية، لا يعرف كيف يفكر، يجتهد، أو يبتكر، باختصار، قد يصبح الإنسان مجرد تابع لما تنتجه هذه الآلات، بدلاً من أن يكون مبدعًا بجهده ووعيه.

لكن، لا داعي للذعر التام، طالما بقيت هناك رقابة أبوية، وضوابط استخدام، وبعض الإرشادات التعليمية الحكيمة، يمكننا ترويض هذا الوحش الرقمي، الأطفال بحاجة لأن يتعلموا التفكير أولًا، قبل أن يتعلموا طلب الإجابات. وحتى المهنيون في الصحافة والطب وغيرها يحتاجون لتذكير يومي: الإبداع والاجتهاد لا يأتيان بالضغط على زر.

في النهاية، الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا،  لكنه مرآة، وإذا تركنا الأطفال يحدقون فيه طوال الوقت، قد نجد أنفسنا قريبًا أمام جيل يعرف كيف يطلب الإجابة، لكنه نسي كيف يجدها بنفسه، وغيرها من الأثار التي سوف يتركها على نفسية الأطفال كما حذر منه تحيق فتحته لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية حول سلامة روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مطالبة سبع شركات بتقديم معلومات حول الآثار السلبية لهذه الروبوتات على المراهقين والأطفال.. فهل دولنا تعي ما نحن قادمون إلية؟!

قد يعجبك ايضا