حرائق الغابات .. ظاهرة عالمية تتصاعد بأثر مدمر على البيئة والصحة

كتب: عمران السكران

20

في الثالث من يوليو 2025، شهدت جزيرة كريت اليونانية اندلاع حرائق واسعة النطاق في المناطق الجنوبية الشرقية، خاصة قرب بلدات إيرابيترا وأكليا وفيرما. النيران امتدت بسرعة مدفوعة برياح شديدة ودرجات حرارة مرتفعة، ما أدى إلى إجلاء أكثر من 1500 شخص من السكان والسياح، وسط جهود مكثفة من رجال الإطفاء الذين استخدموا طائرات ومروحيات وقوارب لمواجهة الحريق وإجلاء العالقين. وأفادت يورونيوز العربية بأن السلطات أعلنت حالة الطوارئ وأقامت ملاجئ مؤقتة لتوفير المساعدة للمشردين.

في الوقت نفسه، كانت ألمانيا تواجه موجة حر مماثلة أدت إلى اندلاع عدة حرائق غابات في ولايتي ساكسونيا وبراندنبورغ، حيث تم إعلان حالة الطوارئ وأصيب عدد من رجال الإطفاء أثناء محاولات السيطرة على النيران التي طالت مناطق تحتوي على ذخائر من مخلفات الحرب العالمية الثانية. وأشار تقرير “ديلي نيوز” إلى أن ألمانيا سجلت أكثر من 45 حريقًا كبيرًا منذ بداية يوليو 2025، ما يجعل الموسم الحالي من أسوأ المواسم.

هذه الأحداث هي جزء من ظاهرة متزايدة عالميًا، حيث تلعب درجات الحرارة المرتفعة والجفاف المستمر دورًا رئيسيًا في زيادة احتمال نشوب الحرائق وتفاقمها. وتفيد تقارير صحيفة “لوموند” الفرنسية بأن حرائق الغابات التي شهدتها كندا والأمازون واليونان خلال عام 2023 أطلقت 8.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، بزيادة 16% عن المتوسط خلال العقدين الماضيين. كما كشفت دراسة لجامعة تسمانيا أن عدد الحرائق القصوى تضاعف خلال العشرين عامًا الماضية، نتيجة تداخل عوامل المناخ والسلوك البشري.

أما من الناحية الصحية، فتسبب جزيئات الدخان الناجمة عن الحرائق في وفاة ما يقرب من 12,000 شخص سنويًا حول العالم، حسب تقرير نشرته صحيفة “الغارديان”. وتؤثر هذه الجسيمات الدقيقة على الجهاز التنفسي والقلب، ما يزيد من حالات الأمراض المزمنة والموت المبكر.

الآثار البيئية للحرائق لا تقل خطورة، إذ تؤدي إلى تآكل التربة وتلوث الأنهار، مما يهدد التنوع البيولوجي والزراعة. ووفق وكالة “رويترز”، فقدت غابات الأمازون خلال عام واحد فقط أكثر من تسعة ملايين هكتار، فيما فقد الاتحاد الأوروبي نحو 700,000 هكتار من الغابات هذا العام، في أكبر خسارة تسجل منذ بدء الرصد.

من الناحية الاقتصادية، تكبدت الولايات المتحدة وحدها خسائر تجاوزت 70 مليار دولار جراء حرائق الغابات في 2021، مع تأثيرات واسعة على قطاعات الزراعة والسياحة والمياه.

تدعو منظمات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وإدارة الغابات بشكل استباقي، وإشراك المجتمعات المحلية، وتطبيق سياسات صارمة للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، لضمان تقليل تكرار هذه الكوارث في المستقبل.

قد يعجبك ايضا