الساكت: المشروعات الناجحة رحلة كفاح مع الذات
إعداد: عبدالحافظ الهروط
من “عطاءات اللاجئين” إلى استشارات البنك الدولي.. وصولا إلى شركتي
لا تنتظر الوظيفة اصنع فرصتك الشبابية بنفسك
نازعته في طفولته هواية شراء وبيع الأشياء الصغيرة،لتلبي رغبته وتكون لديه نقود معدنية، كما هي هواية الرسم التي راقصت أصابعه.
الاولى، كانت طريقه الى المستقبل الذي فيه حالياً منذ سنوات، ليعمل تاجراً، لا موظفاً، إذ يرى في العمل، أياً كان اسمه، ونوعه، مصدر رزق لكل شخص. وبخاصة الشباب ، و” لا عيب فيه”، حيث قدّم في لقائه هذا ، نماذج تبدو مرفوضة أو غير مقنعة لشباب اليوم.
والثانية،( الرسم)، وهي موهبة لم يعد لها وجود في ذهنه، حتى تأخذه طموحاته ليسير على طريقة الرسام العالمي الإسباني بيكاسو، مثلاً!.
هو وجد ضالته بعد محاولات، هنا أو هناك، فاستقر أخيراً، مع آخرين، في شركة تختص باستيراد وتصدير مواد غذائية.
الشاب عبدالرحيم الساكت يقول لـ(الرأي):
نشأت في أسرة، شقّ الجد الأكبر لها، طريقه في التجارة، في حين توجه والدي ووالدتي إلى القطاع الحكومي، وتحديداً في مهنة التدريس.
بالنسبة لي، صحوت في طفولتي على شراء وبيع الأشياء الصغيرة، لإشباع رغبتي بأن لدي نقوداً، وهي بالتأكيد، نقود معدنية، فكانت هذه العملية مجرد هواية، إلى جانب هواية الرسم.
انهيت الدراسة في كلية الحسين، وحصلت على معدل أهّلني لدخول الجامعة الأردنية،متخصصاً بإدارة الأعمال/ التسويق، وخلال سنوات الدراسة، كنت أقوم بأعمال خدمية، في محلات تقدم المشروبات الساخنة والباردة والوجبات السريعة، وغيرها من محلات تجارية، تتطلب التنظيف للمرافق والأواني وما شابه ذلك.
هذه الخدمات، تبدو مرفوضة لكثير من الشباب سواء الذين يواصلون الدراسة الجامعية أو من الخريجين والمعطّلين، بانتظار الوظيفة، فيما ارى هذه الخدمات اختباراً للذات، من حيث القبول بها أو عدم القبول، ولكنها بالنسبة لي، كانت بداية التحدي لنفسي، فتجاوزتها، لأنني قبلت وعملت بها بثقة وقناعة، حتى إذا ما وصلت اليه حالياً، كأحد ثلاثة شركاء نعمل في شركة خاصة بنا، وجدتها قصة كفاح أكثر من قصة نجاح.
-العمل العام؟
تخرجت من الجامعة الأردنية العام ٢٠١٠، لأعمل في شركة استشارات إدارية لمدة قصيرة، بعد أن قررت دراسة الماجستير فتوجهت إلى بلجيكا وقد أمضيت سنة ونصف السنة، حصلت خلالها على المرتبة الاولى من بين الزملاء والزميلات، ثم عدت إلى الشركة ذاتها، وعملت فيها لمدة سنتين، فقررت مرة أُخرى الذهاب إلى أميركا، طلباً للعمل، وهو لم يتحقق، لعدم توافر الشروط القانونية، لأعود إلى الأردن، وأمضي سنة دون عمل.
(تأسيس شركة)
البحث المستمر والجاد عن شغل، وعدم الاستسلام والجلوس في البيت بانتظار الوظيفة، كانا وراء حصولي على عمل في شركة تختص بعطاءات اللاجئين خارج الأردن، فكانت في العراق واليونان وأوغندا، ثم وجدت عملاً آخر في استشارات البنك الدولي وهي استشارات تتعلق بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكان ذلك، خلال الأعوام ( ٢٠١٦-٢٠٢٠) ثم ما لبثت أن طرحت مع صديق وشخص آخر، بأن نقوم بتسجيل شركة تختص بالمواد الاولية لصناعة الأغذية، وكان هذا عام ٢٠١٧، بالإضافة إلى مواصلة عملي في البنك الدولي.
هذه المجموعة التقت فيها الأفكار والخبرات التي تولدت وحصل عليها كل من أفرادها، إذ باتت علاقة العمل التي تربطنا مع مرور الوقت، هدفاً أساسياً في الحفاظ عليه، بعيداً عن علاقة الصداقة التي توطدت بيننا، والظرف الشخصي لكل منا، وهو ما جعلنا نسير في الاتجاه الصحيح.
(جائحة كورونا)
العمل بالشركة كانت بدايته صعبة من حيث الترويج واجراءات التسويق، حتى أننا انهينا مدة سنتين دون مردود في الأرباح، فقد كانت الظروف الاقتصادية صعبة، وازدادت بدخول جائحة كورونا، ما اضطرني للتفرغ مع الشريكين للنهوض بعملنا الخاص، فقمنا بالبحث عن مصادر تسويق جديدة، مثل استراليا وماليزيا، والتأكيد على الحفاظ بالجودة.
مثل هذه الأمور في العمل التجاري، يتطلب الصبر وعدم الاستعجال على الربح، فالنظرية الاقتصادية تقول” قاعدة الزبائن تبنى على نظام وليس على جهد فردي”، مثلما كان توجهنا لأسواق عربية مثل سورية وفلسطين ولبنان.
(الحرب على غزة)
وبطبيعة الحال، فإن الاقتصاد بشكل عام، عادة ما يتأثر بالظروف السياسية، حيث شهدت المنطقة الحرب على غزة، فقد انخفضت المبيعات ما نسبته ٣٠٪ وفي حرب اسرائيل وايران، انخفضت بنسبة ١٥- ٢٠٪ يضاف إلى هذا السبب، تأثر ت التجارة بسلاسل التوريد وبخاصة البضائع التي تمر عبر باب المندب.
(رسالة إلى الشباب)
وفي رسالة يمكن أن أوجهها إلى الشباب، بعد هذه التجربة التي مررت بها شخصياً، ومع الشركاء في مشروعنا التجاري، فإنني أنصح كل شاب بدأ بمشروع صغير، عليه أن لا يستعجل للحصول على المال، فالمشاريع الصغيرة تكبر مع الوقت، ولكنها تحتاج إلى الصبر ، وتحدي الذات.
هناك حاضنات أعمال، ومشاريع إنتاجية وهي تتطلب مهارات البيع والتسويق، وكيفية التواصل مع الناس.
والأهم من كل هذا، أن يكون لدى الشاب قابلية واستعداد للعمل بأي مهنة، إذا ما فشل بمشروعه، على أن لا يبقى متعطلاً ، ويقضي وقته في المنزل، فهذا أكثر ما يقتل الطموح عند الشباب.