الأردن بين مطرقة الرسوم الأمريكية وفرصة الهروب إلى أسواق جديد
كتب: عمران السكران
تشكل السوق الأمريكية منذ عقود وجهة استراتيجية للمصدرين حول العالم، لما تتمتع به من قوة شرائية مرتفعة، واقتصاد هو الأكبر عالميًا بناتج محلي إجمالي يتجاوز 27 تريليون دولار. وتمثل هذه السوق فرصة كبيرة للدول الصغيرة والنامية مثل الأردن، إذ يتيح الوصول إليها إمكانية تحقيق أرباح كبيرة واكتساب سمعة عالمية للمنتج.
غير أن هذا الانفتاح يقابله تحدٍّ مزمن يتمثل في اختلال الميزان التجاري لصالح الولايات المتحدة، وهو ما يضغط على الدول الصغيرة التي تستورد سلعًا أمريكية أكثر مما تصدّر إليها، ما يجعلها عرضة لأي تغييرات مفاجئة في السياسة التجارية الأمريكية.
في هذا السياق، جاءت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة لتزيد من تعقيد المشهد التجاري، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية متبادلة على واردات من 68 دولة، تراوحت بين 10 و50 في المئة، وكان نصيب الأردن 20 في المئة على عدد من صادراته الرئيسة، وفي مقدمتها قطاع الألبسة والنسيج الذي يشكل العمود الفقري للعلاقة التجارية بين البلدين.
ومن المتوقع أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ خلال أيام قليلة، وسط جدل قانوني في الولايات المتحدة حول صلاحيات الرئيس في فرض مثل هذه الرسوم دون موافقة الكونغرس، وهو ما قد يؤدي مستقبلًا إلى مراجعات قضائية أو حتى رد الرسوم إن اعتُبرت مخالفة للأطر القانونية الأمريكية.
الاقتصاد الأردني يقف أمام اختبار صعب؛ إذ تشكل صادراته إلى الولايات المتحدة نحو 25% من إجمالي صادراته، وحوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وتعتمد بشكل كبير على مصانع الألبسة والنسيج في المناطق الصناعية المؤهلة، والتي تشغل أكثر من 77 ألف عامل وعاملة، 27% منهم أردنيون و73% عمالة وافدة.
هذه الرسوم الإضافية تعني ارتفاع كلفة المنتج الأردني في السوق الأمريكية، وبالتالي تراجع تنافسيته وفقدان بعض العقود التصديرية، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص الإنتاج وربما خروج بعض المصانع الصغيرة من السوق.
تعمل الحكومة الأردنية على تقليل الأضرار عبر مسارين متوازيين؛ الأول دبلوماسي يتمثل في التحرك مع واشنطن لبحث إعفاءات أو استثناءات محدودة للقطاعات الحيوية، والثاني اقتصادي داخلي يركز على رفع كفاءة الإنتاج المحلي وتحديث خطوط التصنيع بما يقلل التكلفة ويرفع تنافسية المنتج حتى مع وجود الرسوم.
كما يجري العمل على تنويع الأسواق الخارجية وفتح قنوات تصدير جديدة نحو آسيا الوسطى وأفريقيا لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية ذات المخاطر العالية.
من الناحية الاقتصادية، يظهر هذا القرار كمؤشر على هشاشة الاعتماد المفرط على شريك تجاري واحد، ويعيد التأكيد على أهمية تنويع الصادرات وتوسيع قاعدة الأسواق المستقبلة للمنتج الأردني.
ومع أن القرار الأمريكي يمثل ضغطًا آنياً، فإن الاستجابة الاستراتيجية عبر تحسين الجودة، وتوسيع الأسواق البديلة، واستثمار الاتفاقيات الإقليمية يمكن أن يحوّل الأزمة إلى فرصة لإعادة هيكلة قطاع التصدير الأردني على أسس أكثر استدامة ومرونة.