قرار حلّ المجالس البلدية: لحظة مراجعة واستعداد لبداية جديدة
عمران السكران
في خطوة ليست بالجديدة على الحياة الإدارية في الأردن، جاء قرار الحكومة بحلّ المجالس البلدية ومجالس المحافظات وأمانة عمّان الكبرى، ليفتح الباب أمام تقييم شامل لما تم إنجازه خلال السنوات الماضية، وما يجب أن يُبنى عليه لاحقاً.
قد يُنظر إلى القرار للوهلة الأولى كخطوة سياسية أو إجراء روتيني ضمن التحضير للانتخابات المقبلة، لكنّه في الحقيقة يحمل بين طيّاته بعداً إصلاحياً عميقاً يمسّ جوهر الإدارة المحلية والتنمية المستدامة.
أكثر من 3 سنوات مرّت على تشكيل هذه المجالس، وهي فترة لم تخلُ من التحديات.. شكاوى المواطنين من الخدمات، وضعف التنسيق بين الجهات المحلية والمركزية، وعدم وضوح الصلاحيات بين المجالس التنفيذية والمنتخبة، كانت حاضرة في المشهد اليومي، ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن بعض المجالس قدمت نماذج ناجحة في إدارة الملفات التنموية والخدمية.
لكنّ التفاوت الكبير في الأداء، وتراكم المشكلات الإدارية، وغياب الرؤية التكاملية بين المحافظات، كلها دفعت الحكومة لاتخاذ قرار جريء بالحل، كي تعيد ترتيب الأوراق، فالهدف ليس مجرد إنهاء مهام مجالس قائمة، بل خلق فرصة حقيقية لمراجعة التشريعات، وتطوير قانون الإدارة المحلية، وتوسيع صلاحيات المجالس المقبلة بما يضمن خدمة الناس على نحو أفضل.
من الناحية الإيجابية، فإن هذا القرار يتيح فترة انتقالية يمكن خلالها للبلديات ترتيب أوضاعها الإدارية والمالية، بعيداً عن ضغوط المجالس، كما يفسح المجال أمام وزارة الإدارة المحلية لتقييم واقع البنية التحتية، والرقابة على الأداء، ومعالجة أوجه القصور قبل انتخابات جديدة يُعوّل عليها كثيراً.
الحلّ ليس نهاية، بل بداية لمسار جديد، ومن المهم أن يدرك المواطنون أن التجربة المحلية يجب أن تُبنى على الدروس المستفادة، وأن يكون الصوت الانتخابي في المرة القادمة مبنيًا على الكفاءة لا القرابة أو الشعبية المؤقتة.
في النهاية، قرار الحلّ قد يكون مؤلماً للبعض، لكنه ضروري لخلق مناخ محلي أكثر فعالية، يعكس تطلعات الناس، ويؤسس لإدارة لامركزية حديثة تُحاكي طموح الدولة في تطوير الحكم المحلي، وتقديم خدمات أفضل تليق بالمواطن الأردني.