تصفير الحسابات يعني حرباً متجددة

40

تصفير الحسابات يعني حرباً متجددة

ماهر ابو طير

توقفت الحرب في فلسطين، أو لم تتوقف، فإن الجبهة المستهدفة بعد فلسطين هي إيران، وهي جبهة قد تمر بعدة دول وتحديدا العراق، واليمن، وسورية، ولبنان، وهذا يعني أن الإقليم لن يهدأ تماما.

إذا توقفت الحرب بفعل الصفقة المقترحة، فإن هذا سيعطي إسرائيل الفرصة بعد استراحة محدودة للذهاب إلى جبهات تريد حسمها تماما، وإذا لم تتوقف الحرب بفعل الصفقة فإن إسرائيل ستواصل مخططها العسكري في قطاع غزة، بما يعني المزيد من القتل والتدمير، وبهدف نهائي هو التفرغ لأكثر من جبهة عسكرية معلقة في الإقليم.
معنى الكلام هنا أن القرار بقبول الصفقة التي طرحها الأميركيون أو رفضها سيؤثر على الإقليم، وليس محصورا بحياة الغزيين وحدهم.
الخشية هنا أن يتأثر تقييم اللحظة بضغوطات إقليمية، على حساب الفلسطينيين، بما يفرض أن يكون القرار بحق الصفقة محسوبا على اساس حياة الفلسطينيين، وعدم إدخالهم في حسابات الإقليم، بهدف جدولة بعض الصراعات، أو تأخير بعض المواجهات المحتملة.
من ناحية ثانية فإن استهداف إيران مقبل على الطريق وهو أمر يسرب حوله الإسرائيليون معلومات كثيرة ربما بهدف الضغط على إيران ودفعها للوصول إلى تسوية سياسية، لكن الواضح حاليا أن التجاوب الإيراني مع التسريبات منخفض جدا، خصوصا، مع تجدد العقوبات، وبرغم رسائل الطمأنة الإيرانية العلنية حول السلاح النووي، وهي طمأنة تريد التأكيد لواشنطن أن طهران لا تريد حربا.
نسأل سؤالا اليوم حول الجبهات المعروفة بكونها جبهات إسناد لغزة، وإذا ما كانت حتى اليوم تحقق شروط الإسناد بعد المواجهات التي شهدناها على مدى عامين، أم أن هذه الجبهات تعرضت لتغيرات كبرى في لبنان واليمن وسورية والعراق بما سيدفع طهران إلى التخلي عن نظرية جبهات الإسناد، نحو إعادة التموضع في المنطقة، والخروج من كل كلف المشهد الإقليمي، واثقال هذا المشهد.
في سياق الحسابات الإيرانية، من مصلحة طهران استمرار المواجهات في غزة، وعلى أكثر من جبهة، في سياقات جدولة أزمتها المباشرة، لكن الكارثة قد تكمن في معرفة الإسرائيليين هذه الحسبة الإيرانية الدقيقة، بما قد يجعلها تذهب للحرب مباشرة، دون المرور بجبهات الإسناد، من خلال ضربة جديدة لطهران، وهي بالتأكيد قد تؤدي هذه المرة إلى خروج الحسابات عن كل التوقعات.
هناك نظرية سبق الكلام عنها وهي ليست سرا اليوم تقول إن الإيرانيين تعمدوا خلال ضربة شهر حزيران التي استمرت 12 يوما عدم استعمال كل قدراتهم، وتعمدوا خفض الرد إدراكا منهم أن الحرب قد تتجدد، وهذه النظرية تفسر رغبة الاحتلال بالعودة لضرب إيران، لإنهم يدركون ربما أن قوة إيران ما تزال كامنة على الرغم من كل الخروقات الأمنية التي حدثت خلال ضربة حزيران.
الذي يراد قوله هنا إن المنطقة في الحالتين، بصفقة أو دون صفقة، ما تزال معرضة لأخطار كبرى، خصوصا، أن السياسة الأميركية والإسرائيلية تريد تصفير كل الحسابات توطئة للمرحلة المقبلة، وعملية التصفير تعني مزيدا من الحروب والاعتداءات على كل القوى التي تعتبرها تل أبيب مهددة لها، بما يعني أن صفقة غزة ستخضع للمعيار الإقليمي، سواء توقفت الحرب أو لم تتوقف من حيث الواقع والنتائج وتوظيفات كل الأطراف في هذه المنطقة.الغد

قد يعجبك ايضا