«أسباب عقائدية أم سياسية»… لماذا تتمسك إسرائيل بجثث قتلاها؟
«أسباب عقائدية أم سياسية»… لماذا تتمسك إسرائيل بجثث قتلاها؟
العقبة الإخباري- أعادت أزمة تسليم حركة «حماس» بقايا جثمان أسير أُعيد إلىإسرائيل، إلى الواجهة من جديد أزمة الجثامين الإسرائيلية، والتي ما زال 13 منها فيغزة، وتتمسك إسرائيل باستعادتهم.
وخلال الكثير من صفقات تبادل الأسرى التي جرت ما بين إسرائيل وأطراف أخرى. ورغمأن إسرائيل فقدت الكثير من جنودها والعاملين في أجهزتها الأمنية لسنوات طويلة؛فإنها ما زالت تعمل على استعادة رفاتهم مثل حالة الطيار رون آراد الذي فُقد أثره فيجنوب لبنان عام 1986، وكذلك مع الجاسوس إيلي كوهين الذي أعدم في سوريا عام1965، وغيرهما
وبعد المفاوضات الأخيرة التي أثمرت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قبل 3 أسابيعتقريباً، ما زالت إسرائيل تربط المضي إلى المرحلة الثانية من الاتفاق باستعادة جميعجثامين الأسرى، وذلك على الرغم من الصعوبات التي تكتنف العثور السريع عليهم،والإشارات من «حماس» ومسؤولين أميركيين؛ أبرزهم نائب الرئيس جي دي فانس،الذي قال، خلال زيارته إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، إن «أماكن بعض جثث الرهائنالمتوفين في غزة غير معروفة»، مضيفاً أن القضية «صعبة» ولن يتم حلها بين عشيةوضحا”
“بين الدين والسياسة”
لكن ثمة أسباباً بين الدين والسياسة تقف وراء الإصرار الإسرائيلي على التمسك بالتوصلإلى الجثامين. من الناحية العقائدية، فإن الديانة اليهودية تشدد على أهمية دفنالميت؛ إذ «تنص الشرائع اليهودية على ضرورة مواراة جثمان الميّت الثرى وإهالةالتراب عليه. وترتبط عادات الدفن في اليهودية بعقيدة الإيمان بمجيء المسيح، حيثيقول هذا التصور إن الموتى سيُبعثون عند وصول المسيح»، وفق مقال تعريفي عنعادات الحداد اليهودية نشره موقع خدمات الدوائر الحكومية الإسرائيلية.
ومع ذلك، فإن هناك بعض المتغيرات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي بشأن نسبةالمتدينين أو مدى الالتزام الحرفي بتلك التصورات، مقارنة بغلبة أسباب رسمية تتعلقبحقوق الميراث وترتيب الأوضاع العائلية.
أما على المستوى السياسي، فإنه
يمكن عدَّه «عقداً اجتماعياً وسياسياً» بين المواطنين والحكومة، يقوم على أن انضمامابن عائلة إلى صفوف الجيش الإسرائيلي أشبه بعهدة يتسلمها ويعيدها، وأنه من واجبالمسؤولين في المستويين السياسي والعسكري، إعادة أبنائهم من أي معركة أحياء،وفي حال قُتلوا، تجب استعادة جثامينهم، وهذا ينطبق أيضاً على المدني الإسرائيليالذي يُختطف أو يُقتَل بسبب عمل قومي.
وفضلاً عن ذلك، فإن التأخر في استعادة الجثث بالنسبة لأي حكومة يُضر بصورتهاوشرعيتها، ويفتح باباً للمعارضة للانقضاض عليها واتهامها بالفشل في مهمة حفظحقوق المواطنين.
ماذا تغير؟!
خلال جولات التفاوض السابقة لإسرائيل بشأن الأسرى، كانت إسرائيل تسلم مئاتوأحياناً آلاف الأسرى الفلسطينيين أو العرب مقابل جندي أو جنديين أحياء، أو حتى فيبعض الأحيان جثة أو جثتين. لكن بعد صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مع«حماس» عام 2011، تغيّرت في إسرائيل الكثير من المعايير بسبب مشاركة وقيادةعدد من المحررين الفلسطينيين، وأبرزهم قائد «حماس» الراحل، يحيى السنوار، فيسلسلة هجمات خطيرة ضد الإسرائيليين.
وقد يُفسّر ما جرى سابقاً خلال صفقة شاليط، كثيراً من أسباب حكومة نتنياهو وأجهزتهاالأمنية في تعمد الإفراج عن شخصيات أقل أهمية بين رموز الفصائل الفلسطينية والتيكان يمكن أن يُحسب إطلاق سراحها إنجازاً لـ«حماس».
اللافت، أن ذلك المعنى المتمثل في حرمان «حماس» من إظهار إنجاز أو تفوق، محلتوافق بين المتدينين مثل أحزاب الحريديم (شاس – يهدوت هتوراه)، أو اليهود منالصهيونية الدينية مثل الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وأيضاً لدىالعلمانيين أو اليمنيين أو اليساريين، بينما تأتي مسألة دفن الجثامين في أولوية لاحقة.
«جثامين الفلسطينيين”
وعلى الجانب الآخر، فبينما تصر إسرائيل على استعادة جميع جثامين مختطفيها،ترفض إعادة جثامين قيادات من «حماس» اختطفتهم من داخل القطاع بعد أنقتلتهم.
وتقول مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن المفاوضات التي سبقت إعلاناتفاق وقف إطلاق النار «لم تتضمن الخوض في تفاصيل كبيرة بشأن عملية تبادلالجثامين، لكنها تضمنت رسائل إسرائيلية واضحة برفض الإفراج عن جثث بعض قادةالحركة ممن اختطفت جثامينهم من داخل القطاع، من بينهم الشقيقان يحيى ومحمدالسنوار، وأحمد الغندور (القيادي الراحل من «كتائب القسام») وقيادات أخرى، ممناغتيلوا برفقته واستولت إسرائيل على جثامينهم من داخل إحدى المقابر في جبالياشمال قطاع غزة بعد اقتحامها».
وأعادت إسرائيل جثامين نحو 80 فلسطينياً احتجزتهم بعدما نقلت جثامينهم منمقبرة جباليا، في حين احتفظت بما لا يقل عن 7 جثث لقيادات ونشطاء في «كتائبالقسام» بينهم قائد لواء الشمال أحمد الغندور.
وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023،”أسباب عقائدية أم سياسية»… لماذا لماذا تتمسك إسرائيل بجثث قتلاها؟
اتهم المكتب الإعلامي الحكومي بغزة التابع لحكومة «حماس»، إسرائيل بسرقة أعضاءمن جثامين فلسطينيين من شمالي القطاع، داعياً حينها إلى «تشكيل لجنة تحقيقدولية مستقلة».
وخلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تعمدت إسرائيل اختطاف مئات الجثامين بحجةالبحث عن جثث قتلاها واستعادتهم، وقد تمكنت بشكل جزئي في ذلك.
يحدث في الضفة ايضاً”»
لكن ملاحقة إسرائيل جثامين الفلسطينيين، لم تتوقف عند الأسماء الكبيرة في«حماس»، ولم تبدأ بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
ولعقود طويلة اتهمت جهات فلسطينية، إسرائيل، بسرقة أعضاء من جثامين المعتقلينالفلسطينيين الذين تقتلهم وتحتجزهم، وكان بعض الاتهامات مصحوباً بإخضاعهمالجثامين أو الأعضاء لأبحاث قسرية.
وفي عام 2008 تأسست «الحملة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء» ذات الطابع الحقوقي المستقل؛ بهدف إلزام حكومة إسرائيل وسلطاتها الاحتلاليةبـ«الإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب المحتجزة لديها في (مقابرالأرقام) وثلاجات حفظ الموتى، ولأجل تمكين ذويهم من تشييعهم ودفنهم وفقاًللتقاليد الوطنية الفلسطينية والشعائر الدينية»
وتنشط هذه الحملة بشكل أساسي في الضفة الغربية، وقال، بيان عنها، الشهر الحالي،إن إسرائيل «تواصل احتجاز 735 جثماناً فلسطينياً، بينهم 67 طفلاً، ومن مجملالضحايا 256 تحتجز جثامينهم في مقابر الأرقام (مناطق إسرائيلية يدفن فيهافلسطينيون بأرقام ومن دون أسماء)».
وذكرت اللجنة أن إسرائيل تحتجز منذ بداية عام 2025، جثامين 479 فلسطينياً، منبينهم 86 من المعتقلين، و67 من الأطفال، و10 نساء.
ووفقاً لصحيفة «هآرتس» العبرية في تقرير نشرته في يوليو (تموز) الماضي، فإن مايقرب من 1500 جثمان فلسطيني من قطاع غزة محتجزون في معسكر سدي تيمان