مدارس حقلية في الجنوب الأردني: حلول خضراءلمواجهة التغير المناخي وشح المياه

13

مدارس حقلية في الجنوب الأردني: حلول خضراءلمواجهة التغير المناخي وشح المياه

العقبة الإخباري- (مأدباالكرك / الأردن)

 في الوقت الذي تتزايد فيه تحديات التغير المناخي فيالأردن، من ارتفاع درجات الحرارةوتراجع معدلات الهطولالمطري إلى تفاقم شح المياه، يبرز الإبتكار الزراعي كخطدفاعأول لضمان إستدامة الإنتاج وتحسين سبل عيشالمزارعين في القرى والمناطق الريفية.

 ومن بين أبرز النماذج التي تجسد هذا التوجه، تأتي 16 مدرسة حقلية ينفذها مرشدونزراعيون من وزارة الزراعة ضمن مشروع بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخفيالأردن من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه في قطاعالزراعة (BRCCJ الذيتنفذه منظمة الأغذية والزراعةللأمم المتحدة (الفاو) من خلال: وزارات المياه والريوالزراعة والبيئة و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بتمويل منصندوق المناخ الأخضر(GCF) في محافظات حوض البحر الميت : مأدبا و الكرك و الطفيلة ومعان.

 تعمل هذه المدارس الحقلية كنماذج تعليمية عملية، تتيحللمزارعين والمزارعاتاختبار تقنيات زراعية حديثة تتلاءم معالتغيرات المناخية، وتساعد على إدارة المواردالمائية بكفاءةأعلى، وتحقيق إنتاجية مستدامة.

 تمكين الكوادر الزراعية

ضمن مشروع بناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ فيالأردن من خلال تحسين كفاءةاستخدام المياه في قطاعالزراعة (BRCCJ تأهل 53 مهندساً ومهندسة منموظفيالإرشاد الزراعي العام الماضي، من محافظاتمأدبا، الكرك، الطفيلة ومعان، بعد 30 يوماًتدريبياً مكثفاًإمتد على مدار 3 أشهر، ليصبحوا مدربين وميسرينلمدارس المزارعينالحقلية الذكية مناخياً.

 وتستهدف هذه المدارس تطوير مهارات المشاركين في نقلالمعرفة الزراعية وتطبيقالحلول البيئية المبتكرة على أرضالواقع، مع التركيز على مشاركة المجتمع المحلي،وخاصةالنساء الريفيات.

 الزراعة في قلب البيوت: مدرسة “الجابونات” فيمأدبا

 في مأدبا، وتحديداً في منطقة المأمونية الشرقية، نفذتالمهندسة نوال الشوابكة منقسم الإرشاد الزراعي مدرسةحقلية منزلية تطبق تقنية الجابونات الاقتصادية، وهيتقنيةزراعية حديثة أثبتت كفاءتها في الحدائق الصغيرةوالمساحات المحدودة.

 تقول المهندسة الشوابكة “تقنية الجابونات أثبتت بالتجربةنجاحاً لافتاً في نموالمزروعات وتوفير المياه، إذ تمكّنت منمضاعفة الإنتاج واستثمار كل متر مربع، معتقليل كمياتمياه الري بشكل ملحوظ.

وشاركت في المدرسة 15 مزارعة من المنطقة، تبادلنالخبرات حول زراعة المحاصيلالورقية والفراولة ضمنمساحات منزلية بسيطة.

تروي أم يوسف، وهي من المشاركات في المدرسة:”تقنيةالجابونات حوّلت المساحاتالضيقة في بيوتنا إلى زواياخضراء مثمرة، وأتاحت لنا إنتاج البقدونس والفراولةوالخسبمياه قليلة، بل وفتحَت أمامنا باب دخل إضافيصغير.

 إنقاذ بساتين الأجداد: مدرسة “الشرنقة” في الكرك

في قرية جوزة التابعة للواء عي في محافظة الكرك، كانتالأرض العطشى شاهدة علىتجربة رائدة لتقنية الشرنقة،التي نفذها المهندس رمزي الضمور، ضمن إطارالمدارسالحقلية الذكية مناخياً.

يقول الضمور:”المنطقة كانت تشتهر بعيون المياه التي جفمعظمها خلال السنواتالأخيرة. تجربة الشرنقة جاءتلإنقاذ البساتين القديمة، بتقنية توفر المياه وتحافظعلىرطوبة التربة لفترات طويلة.

زرعت المدرسة 60 شجرة من الليمون والجوافة، نصفهابتقنية الشرنقة والنصف الآخربالري بالتنقيط.

وخلال 45 يوماً فقط، كانت النتائج واضحة: الأشجارالمزروعة بالشرنقة استهلكت 2.5 متر مكعب فقط من المياه،مقارنة بـ 20 متراً مكعباً في الري التقليدي، مع تسجيلنموخضري أطول بمرتين.

“تقنية الشرنقة وفرت أكثر من 80% من مياه الري،وحافظت على الأشجار دون فاقد. إنها حل واقعي لمشكلةنقص المياه التي تهدد استدامة الزراعة في مناطقنا”،يضيفالضمور.

 سد الحبيس… مصدر حياة جديد للأراضيالزراعية

 وفي الوقت الذي تتراجع الموارد المائية محافظة الكرك،يُشكّل إقامة سد الحبيسخطوة نوعية نحو إحياءالأراضي الزراعية ودعم جهود المدارس الحقلية في تعزيزالأمنالمائي والزراعي.

يقول أحد المزارعين المشاركين في المدارس الحقلية فيجوزة”: نحتاج لاقامة سدأسفل الوادي لحجز مياه الأمطاروالسيول واستثمارها في تغذية المياه الجوفيةوريالأراضي المجاورة، ما يتيح لنا فرصة إعادة استصلاحمساحات كانت مهجورةلسنوات بسبب الجفاف.

ويضيف:”إقامة سد الحبيس لا يوفر لنا الماء فقط، بل يعيدالحياة للأرض. ومع تطبيقالتقنيات الحديثة التي تعلمناهافي المدارس الحقلية، ستكون قدرتنا أكبر على الحفاظعلىالمياه وزيادة الإنتاج.

 من الأعلاف إلى الاستدامة: مدرسة “الأزولا” فيالأغوار الجنوبية

في الغور الصافي، طبق المهندسان عدن المرادات وغالب خريسات من مديرية زراعةالأغوار الجنوبية مدرسة حقليةلتقنية الأزولا، وهو نبات غني بالبروتين يمكناستخدامهكعلف للدواجن، و يشكل غطاء نباتيا يقلل من التبخر.

توضح المرادات:”إخترنا تقنية الأزولا لأنها توفر بديلاً طبيعياًللأعلاف المكلفة، كما أنهاتساهم في ترشيد إستخدامالمياه. المَزارع في المنطقة تقوم بتربية الأسماك وذلك وفربيئة جيدة لزراعة الأزولا وهذا التكامل بين المزارع المائيةوالزراعية خلق نظاماً بيئياًمغلقاً يقلل الهدر ويزيد منالاستدامة، ما جعل التجربة نموذجاً يحتذى به فيالمناطقالجافة.

 المدارس الحقلية… مختبرات للمعرفة والتغيير

 من المأمونية الى جوزة إلى الغور الصافي، تمثل المدارسالحقلية أكثر من مجردمبادرات تدريبية لتكون منصاتللتعلم التشاركي، حيث يصبح المزارعات والمزارعينشركاءفي تطوير الحلول، لا مجرد متلقين لها.

 وبينما يواصل الأردن سعيه لمواجهة آثار التغير المناخي،تظل هذه التجارب شاهداًعلى أن الاستثمار في المعرفةالزراعية هو الطريق نحو مستقبل أكثر خضرة واستدامة.

قد يعجبك ايضا