غزة بين حرب الإبادة ومشاريع التهجير: نتنياهو يصعّد والضحايا بالعشرات وسط صمت دولي
كتب: محرر الشؤون السياسية
تدخل الحرب الإسرائيلية على غزة مرحلة أكثر دموية مع تكثيف العمليات العسكرية داخل مدينة غزة ومحيطها، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تدمير خمسين برجًا خلال يومين، مهددًا بأن ما جرى ليس سوى مقدمة لـ”المناورة البرية الكبرى”.
دعوته لسكان المدينة إلى مغادرتها “فورًا” أعادت إلى الواجهة مخاوف التهجير القسري، خصوصًا مع تصريحات عضو الكنيست عايدة توما التي اتهمت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتعامل مع غزة كـ”غنيمة” يريد الاستحواذ عليها، في إطار مقاربة سياسية ترى القطاع ساحة للنفوذ والمصالح.
الميدان بدوره يزداد سخونة؛ فقد أعلنت مصادر طبية عن استشهاد 59 فلسطينيًا منذ فجر الاثنين في سلسلة من الغارات التي طالت منازل مأهولة وخيام نازحين في الشيخ رضوان والشاليهات والرمال وخان يونس. الهجمات ترافقت مع استخدام الجيش الإسرائيلي للروبوتات المفخخة لتفجير المباني، وسط تصاعد استهداف المدنيين أثناء انتظارهم المساعدات.
وفي المقابل، أفادت سرايا القدس أنها أحبطت عملية تسلل لقوات خاصة جنوب القطاع واستولت على معدات عسكرية، ما يؤشر إلى استمرار قدرة الفصائل على إرباك الاحتلال.
الخسائر لم تقتصر على الجانب الفلسطيني؛ فالجيش الإسرائيلي أعلن مقتل أربعة من جنوده شمال غزة بعد استهداف دبابة بعبوة ناسفة، في عملية كشفت وسائل إعلام عبرية تفاصيلها، مؤكدة أن الانفجار وقع داخل الدبابة ما أدى إلى احتراقها بالكامل، هذه الحادثة تضاف إلى سلسلة عمليات تشير إلى هشاشة القوات رغم تفوقها العسكري.
على الصعيد الدولي، نفت الأمم المتحدة الشائعات التي ترددت حول نقل اجتماعات الجمعية العامة من نيويورك، مؤكدة أن الدورة المقبلة ستعقد في موعدها ومكانها المعتاد، في إشارة إلى أن البعد الدبلوماسي للأزمة ما يزال يتخذ مساره التقليدي رغم شدة الميدان.
أما المواقف الأوروبية، فقد انعكست في فرنسا مع سقوط حكومة بايرو بعد حجب الثقة عنها، في وقت حذّر رئيس الوزراء المستقيل من ديون البلاد، بينما أظهرت الساحة الشعبية في أوروبا رفضًا متزايدًا للحرب، تجلى في إضراب كوادر طبية سويسرية عن الطعام احتجاجًا على ما وصفوه بسياسة “التجويع” في غزة.
التطورات مجتمعة تكشف أن الحرب على غزة لم تعد مجرد معركة عسكرية، بل صراع مركب تتداخل فيه حسابات التهجير، ومصالح القوى الكبرى، وضغوط الشارع الدولي.
وبينما يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر، يتصاعد خطاب نتنياهو الذي يسعى إلى تقديم “الإنجازات” لمجتمعه، في وقت يتعمق فيه الشرخ الداخلي حول قضية المحتجزين وقيادة الحرب.
وفي ظل غياب أفق سياسي واضح، تبقى غزة محاصرة بين نار القصف ومشاريع التسوية المشبوهة، فيما يترقب العالم ما إذا كانت الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار ستبقى مجرد بيانات إدانة أم تتحول إلى ضغط فعلي يضع حدًا لهذه الكارثة الإنسانية.