التحدي الصهيوني الأمريكي للأمة خاصة لبلاد الشام كبير وخطير
طاهر العدوان
ينتقل العدو الصهيوني وفق سياساته المعلنة وحركة جيشه من مرحلة تصفية القضية الفلسطينية (التطبيع والابراهيمية التي لم تستكمل )إلى مرحلة تصفية الشعب الفلسطيني (الابادة والتهجير والضم ) وهذا تطور خطير يهدد الاردن في العمق كما يهدد سوريا في عمقها وعاصمتها .
ما يجري في غزة من إبادة غير مسبوقة في التاريخ هي الوجه الفاضح لمخطط تصفية الشعب الفلسطيني ،فإذا كانت مصر والاردن ترفضان تهجير اهل غزة فالابادة هي مصيرهم ، هكذا يفكر وهكذا يعمل . يسعى نتنياهو أيضا الى تغيير خريطة وهوية الدول المجاورة. وانا هنا لا اشير الى ما يسمى ب (الوطن البديل ) فهذا وهم ،فالصهيونية لن تقبل وجود دولة للفلسطيني في عمق افريقيا فكيف ستعمل على وجودها في الاردن .الهدف هو تصفية الدولة الفلسطينية الوطن والشعب واقتلاع الفكرة من سماء المنطقة وارضها وذلك باحداث تغييرات ديموغرافية في الدول المجاورة وتحويلها لكانتونات هزيلة منزوعة السلاح والوطنية ، وهذا هدف صهيوني تحدث عنه بن غوريون بداية الخمسينيات .
-هذه هي الملامح العامة لخريطة نتنياهو -ترمب وشرقهم التعيس المنشود .هكذا يفكر ويعمل وزمرة المجرمين من حولهم..
-مظاهر وتوجهات هذه المراحل اللاحقة لما بعد غزة والضفة يمكن تتبعها في ما يلي :
١- المخطط الأمريكي الصهيوني للبنان الذي يقوده ممثل ترمب في لبنان المدعو توم براك لنزع سلاح حزب الله ليس بهدف تقوية سلطة الدولة هناك ،انما من أجل زرع بذور صراع جديد بين الطوائف يدمر هذه الدولة وليس حمايتها. فمن المعروف ان السلاح في لبنان لا يقتصر على حزب الله انما هو في يد الطوائف الأخرى ونزع سلاح حزب الله مطلوب ،لانه يقف عثرة أمام تحقيق هدفين :التوسع الصهيوني حتى الليطاني وهو ما فشل في تحقيقه عبر حروبه على الجنوب منذ عام ٧٨وحتى أيار الماضي .و الهدف الثاني ترحيل الفلسطينيين من لبنان وهو ما يتم تطبيقه اليوم من خلال جهود توم براك لنزع سلاح المخيمات التي لولا هذا السلاح لما بقي فلسطيني واحد في لبنان منذ عام ٧٦.(الهدف ملاحقة الفلسطيني وتهجيره من لبنان ) .
٢- اما المخطط الآخر الميداني الذي يقوم العدو بتنفيذه في سياق تصفية القضية والشعب فهو ما يجري على الارض من زحف عسكري صهيوني باتجاه مناطق الجنوب السوري المقابل للجولان المحتل وصولا الى السويداء .
والسؤال الذي يُطرح على السياسيين والمحللين العسكريين هو : ما هي الأخطار الأمنية والاستراتيجية التي تهدد البلاد من وجود قوات العدو في الجيب الذي يسعى لاقامته من الجولان إلى السويداء ؟.
اردنياً نُظر الى هذه المنطقة منذ بداية الصراع العربي الصهيوني كنقطة استراتيجية خطيرة في حال وصول قوات للعدو إليها او قيامه باحتلالها .واذكر انه في عام ٧٣ اثناء حرب تشرين (وكنت حينها في صحيفة الرأي )ان القيادة الاردنية اعتبرت اختراق العدو للجبهة السورية في عمق القنيطرة وجنوبها تحولا خطيرا يهدد الحدود الشمالية الاردنية وعمق الشمال والوسط .ولهذا ارسلت على عجل اللواء ٤٠ للمساعدة في صد واحباط الهجوم الصهيوني هناك .
وهذه المخاوف لا تنطلق فقط من اعتبارات التطورات الميدانية انما من التجارب التاريخية المتعلقة بوضع هذه المنطقة في تاريخ الحروب. فالقائد الاسطوري خالد بن الوليد حرك جيشه القادم من العراق لمساندة ابوعبيدة في اليرموك عبر الطريق الخلفي الممتد من الزرقا الى بصرى الشام ليحسم بذلك المعركة ضد الروم في نهر اليرموك حيث سقطت بعدها دمشق ،هذا الخط المحاذي للصحراء هو الجدار الشرقي الذي يحمي عمان وحتى دمشق .وهو نفس الطريق الذي سلكه صلاح الدين جنوبا لتحرير القدس.
-الأمر الخطير الحاصل في المنطقة ان العواصم العربية وجامعتها المصونة التي اصمت اذاننا خلال العقود الطويلة من الصراعات مع العدو عن الدفاع المشترك والامن القومي إلى آخره، تتعامل اليوم مع الاحداث الخطيرة الراهنة قطعة قطعه، بمعزل عن مفاهيم الامن القومي وكاحداث منفصلة تقع عند الجيران، بينما يُلوح المجرم نتنياهو بخريطته لبناء شرق اوسط جديد يتهدد الجميع ، ويرى فيها تكليفا سماويا لاقامة اسرائيل من النيل الى الفرات .والقصة ليست تفوهات مجنون بل مجنون يسانده معتوه اخر اسمه ترمب ،كان قد وضع خريطته على الطاولة امام العرب والعالم ليشرح حاجة اسرائيل الصغيرة الى اراض من العرب الذين يملكون الكثير منها .
التحدي الصهيوني الامريكي للامة، خاصة لبلاد الشام كبير وخطير ،ماثل وعلى الأبواب لانه قائم على الخطط المعلنةالتي تدعمها جنازير الدبابات وقنابل الطائرات .ان الاستشعار بهذا الخطر يفرض على الدول العربية اعتبار المقاومة في غزة خط دفاعها الأول ،و دعمها لا معاداتها واجب على الجميع. نجاح العدو في غزة سيكون خطرا على الجميع وفشله مسألة تهم الامة باسرها.اخيرا تحية للنشطاء الدوليين الذي حركوا اسطول الصمود لكسر الحصار عن غزة.