تجاهل شريكك من أجل الهاتف يفسد العلاقة أكثر مما تتوقع
العقبة اليوم – في مشهد يبدو مألوفًا للكثيرين، يجلس شخصان على مائدة العشاء يتبادلان الحديث، وفجأة يهتز هاتف أحدهما، فيبتسم ويلتقطه ليكتب رسالة سريعة، بينما يشعر الطرف الآخر وكأنه أصبح غير مرئي. هذه الظاهرة التي باتت شائعة في العلاقات الاجتماعية والزوجية تحمل اسم “الفابّينغ” (Phubbing)، وهو مصطلح يجمع بين كلمتي الهاتف والتجاهل.
دراسة حديثة نشرت في مجلة “جورنال اوف بيرسونال”، أجراها فريق من جامعة ساوثهامبتون البريطانية، كشفت أن “الفابّينغ” ليس مجرد تصرف عابر أو إزعاج بسيط، بل قد يترك آثارًا نفسية عميقة ويؤدي إلى تراجع الرضا في العلاقة، ويضعف الثقة بالنفس، بل ويثير الغضب والاستياء، وصولًا إلى ردود فعل انتقامية من الطرف المتأثر.
ووفقًا للباحثين، فإن أكثر الفئات تأثرًا هم الأشخاص ذوو القلق العاطفي المرتفع، إذ تزداد لديهم مشاعر الاكتئاب وانخفاض تقدير الذات عندما يتعرضون للتجاهل بسبب الهاتف. في المقابل، فإن ذوي التجنب العاطفي – أي من يفضلون الابتعاد عن القرب الشديد – لم يتأثر رضاهم عن العلاقة بنفس الدرجة، لكنهم غالبًا ما ردوا بالمثل عبر استخدام هواتفهم. أما النرجسيون فقد أظهروا تباينًا؛ حيث كان أصحاب النرجسية التنافسية أكثر غضبًا ونزاعًا، بينما حافظ أصحاب النرجسية الإعجابية على مستوى رضا عالٍ رغم ميلهم للدخول في خلافات.
وأوضحت دراسة سابقة أن ردود فعل الشريك الذي يتم تجاهله تراوحت بين المواجهة المباشرة أو الشعور بالاستياء أو حتى الانتقام باستخدام الهاتف نفسه، سواء عبر الانشغال به عمدًا أو بالبحث عن دعم واهتمام من الآخرين.
ويؤكد الباحثون أن “الفابّينغ” وإن بدا عادة بسيطة، إلا أنه يترك مع تكراره ما يشبه “شقوقًا صغيرة” في العلاقة، تبعث على الإحساس بعدم الاهتمام أو غياب التوازن.
وللوقاية من آثاره، يقترح الخبراء وضع قواعد واضحة لاستخدام الهواتف الذكية، مثل الاتفاق على أوقات أو أماكن خالية من الأجهزة، خاصة أثناء الوجبات أو قبل النوم، إلى جانب المصارحة في مناقشة الحدود المقبولة بين الطرفين.