فيروسات الجهاز التنفسي قد توقظ السرطان النائم
كشفت دراسة جديدة أن التهابات الجهاز التنفسي، مثل كوفيد- 19 والإنفلونزا، تزيد من خطر إعادة تنشيط خلايا سرطان الثدي الكامنة وانتشارها لدى المريضات اللواتي سبق أن أُصبن بالمرض.
وحذرت الدراسة من أن هذا التنشيط قد يُحفّز ظهور أورام خبيثة جديدة، مشيرة إلى ضرورة وعي المرضى بمخاطر العدوى وأثرها في انتشار السرطان.
ويُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء، وبعد الشفاء منه قد تبقى خلايا سرطانية خاملة لسنوات قبل أن تنتشر، لا سيما في الرئتين أو أعضاء أخرى، مسببة انتكاسة. ونظرًا لارتباط التهابات الجهاز التنفسي الفيروسية، مثل “سارس-كوف-2” – وهو الفيروس المسبب لكوفيد-19 – بالالتهاب، فقد يؤدي ذلك إلى تحفيز عمليات تُفضي إلى انتشار هذه الخلايا السرطانية.
وأُجريت الدراسة من قِبل باحثين في جامعة كولورادو، ومركز مونتيفيوري أينشتاين الشامل للسرطان في نيويورك، ونُشرت نتائجها في مجلة “نيتشر” بتاريخ 30 يوليو/تموز الماضي، كما كتبت عنها مجلة “نيوزويك” الأميركية.
وصرّح جيمس ديغريغوري، المؤلف الرئيسي للدراسة من مركز جامعة كولورادو للسرطان، في بيان: “الخلايا السرطانية الكامنة أشبه بالجمر المتبقي من نار مخيم مهجور، وفيروسات الجهاز التنفسي تُشبه الرياح القوية التي تعيد إشعال تلك النيران”.
وأضاف في حديثه لمجلة “نيوزويك”: “بالنسبة للمرضى المصابين، فإن أبسط استراتيجية هي تجنّب العدوى، من خلال التطعيم، وتفادي الأماكن المزدحمة خلال موسم الإنفلونزا، وما إلى ذلك”.
وقد دفع ارتفاع معدلات وفيات السرطان في العامين الأولين من الجائحة ديغريغوري وزملاءه إلى دراسة آثار فيروس الإنفلونزا وفيروس “سارس-كوف-2” على نتائج سرطان الثدي لدى نماذج الفئران، وخلصوا إلى أن هذه العدوى تقلل من خمول خلايا سرطان الثدي في الرئتين.
من أيقظ الوحش؟
تكاثرت خلايا السرطان في غضون أيام من الإصابة، مما أدى إلى توسع آفات السرطان النقيلي خلال أسبوعين. ووجد الباحثون أن المسارات الالتهابية كانت متورطة في هذا التأثير. ويُعرَف السرطان النقيلي (Metastatic Cancer) بأنه السرطان الذي يتكوّن في منطقة منفصلة عن مكان نشأة السرطان الأولي.
وكشف تحليل الجزيئات أن تنشيط الخلايا السرطانية الخاملة يُحرّكه بروتين يُسمى “إنترلوكين-6” (Interleukin-6)، والذي تطلقه الخلايا المناعية استجابةً للعدوى أو الإصابة.
وقال خوليو أغيري غيسو، المؤلف المشارك في البحث وعالم الأحياء الخلوية في مركز مونتيفيوري أينشتاين الشامل للسرطان، في بيان: “إن تحديد إنترلوكين-6 كوسيط رئيسي في إيقاظ الخلايا السرطانية المنتشرة الخاملة، يشير إلى أن استخدام مثبطات إنترلوكين-6 أو غيرها من العلاجات المناعية المستهدفة، قد يمنع أو يقلل من عودة ظهور النقائل بعد العدوى الفيروسية”.
كما فحص الباحثون ما إذا كان مرضى السرطان الذين جاءت نتائج فحوصهم إيجابية لكوفيد-19 أكثر عرضة لخطر الوفاة المرتبطة بالسرطان، من خلال تحليل بيانات من قواعد بيانات البنك الحيوي البريطاني وقاعدة بيانات “فلاتيرون هيلث”.
واكتشفوا وجود علاقة بين عدوى فيروس “سارس-كوف-2” وزيادة خطر الوفاة في مجموعة البنك الحيوي، إذ أظهر المرضى المصابون بالفيروس زيادة مضاعفة في خطر الوفاة المرتبطة بالسرطان مقارنة بمن كانت نتائج فحوصهم سلبية.
وفي مجموعة “فلاتيرون”، ارتبطت العدوى بزيادة تجاوزت 40% في خطر الإصابة بالسرطان النقيلي في الرئتين. وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة ركزت على الفترة التي سبقت توفر لقاحات كوفيد-19.