الصحافة ليست دفتر حضور
عمران السكران
في كل مرة يُنشر فيها خبر من نوع: “يفتتح ورشة”، أو “فلان يوجّه بتعبيد شارع”، أشعر وكأننا عالقون في أرشيف قديم، حيث الخبر لا يُكتب لشرح ما حدث، بل لشرح من حضر، وماذا فعل.
الغريب أن بعض التغطيات لا تزال تؤمن أن الناس يهتمون بمن قرأ كلمة الترحيب، أو من شرب القهوة أولًا، كأننا في بث مباشر لحفل عائلي، لا في خبر صحفي يُفترض أن يُجيب عن أسئلة الناس:
– من استفاد؟
– ما أثر الحدث؟
– هل تغيّر شيء؟
الجمهور اليوم لم يعد ذلك المتلقي الصامت، لم يعد يقرأ ليعرف من “وجّه”، بل يقرأ ليعرف لماذا وُجّه، وما الذي تحقق بعد ذلك.
الناس لم تعد تُعجبها أخبار العلاقات العامة، بل تبحث عن الصحافة الحقيقية التي تنقل الواقع كما هو، بلا تلميع ولا رتوش ولا موسيقى تصويرية، وأيضا تغطية ما وراء الخبر ومن استفاد من الحدث وماذا انعكس على حياته.
الورشة التي يُكتب عنها الخبر، لم تعد تعني القارئ إلا إذا أجاب التقرير على سؤال بسيط: “شو فرقت؟”، أما الصور، والابتسامات، والميكروفونات المتراصة… فهي تفاصيل لا تغيّر شيئًا في حياة المواطن إذا لم يُحسّن الحدث خدماته، أو يُقربه من فرصة، أو على الأقل، لا يستهلك وقته في قراءة نص لا يقول شيئًا.
الخبر لا يجب أن يكون عن صاحب الميكروفون، بل عمّن يجلس في الصفوف الخلفية.
الناس تريد معرفة:
هل تم تعبيد الشارع فعلًا؟
هل تغيّر شيء في واقع المدرسة؟
هل حصل أحد على وظيفة بعد الورشة؟
وإن لم يحصل، فلماذا إذًا نكتب؟
الصحافة ليست نشرة رسمية، ولا نشيد صباحي، هي عين الناس، ولسانهم، ومرآتهم، وإن لم تكن كذلك، فستجد نفسها تكتب “خبرًا مهمًا” لا يقرأه أحد… لأن الجمهور، ببساطة، أصبح يبحث عن الحقيقة وعن الحدث وماذا سينعكس عليه، لا التصفيق.