كيف تخفّت عناصر حماس في انفاق رفح ؟
بعضهم شارك في تسليم أسير إسرائيلي… كيف تخفَّت عناصر «حماس» في أنفاق رفح؟
قضوا معظم الحرب بأنفاق المدينة رغم السيطرة الإسرائيلية على الأرض
العقبة الإخباري – أثارت الإعلانات المتتالية للجيش الإسرائيلي حول قتله وأسره عناصر «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس» في أنفاق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، كثيراً منالتساؤلات عن هؤلاء العناصر، والوقت الذي قضوه متخفِّين في الأنفاق؛ خصوصاً أنهمكانوا أسفل مدينة بدأت إسرائيل احتلالها في مايو (أيار) 2024، وتوسعت فيها العمليةحتى تم بسط السيطرة عليها كاملة.
ومنذ أكثر من شهر، كانت هناك اتصالات تجري بشأن إخراج هؤلاء العناصر من الأنفاق،بطريقة تضمن حياتهم ومن دون سلاح، الأمر الذي ساهم في تسريع تسليم جثةالضابط الإسرائيلي هدار غولدن، التي سُلِّمت في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني)الماضي؛ إلا أن إسرائيل لاحقاً أخلَّت بتفاهمات شفهية مع الولايات المتحدة التي كانتتتابع الملف مع تركيا، حول السماح لهؤلاء بالخروج الآمن.
ومع مُضي الأيام، بدأت إسرائيل تتصيد هؤلاء العناصر، وتقتلهم وتأسرهم على دفعات،سواءً بالقصف الجوي أو بالملاحقة المباشرة بعد خروجهم من تلك الأنفاق وأماكنكمائنهم، بفعل تضييق الخناق عليهم في آخر جيوب الأنفاق، بحي الجنينة شرق رفح.
8 أشهر في الأنفاق والكمائن
تقول مصادر ميدانية مطلعة من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: «إن هؤلاء المقاومينقضوا جُل الحرب التي استمرت عامين في أنفاق المدينة، رغم وجود جيش الاحتلالفوق الأرض، ورغم دخوله كثيراً من الأنفاق التي كانوا يتنقلون فيها، والتي بُنيت بشكليصعب على الاحتلال الإسرائيلي كشف تفاصيلها كاملة حتى الآن».
وتوضح المصادر أنه في الهدنة الأولى التي استمرت 7 أيام في نوفمبر 2023، خرجالمقاومون فوق الأرض، ومن ثم عادوا إليها مع استئناف القتال، وكانوا يبقون فيهافترات، ويخرجون منها فترات فوق الأرض، ويتنقلون بين الكمائن فوق الأرض، ثميعودون للأنفاق. واستمر التواصل مع قياداتهم إلى أن تم التوصل إلى اتفاق الهدنةالثانية في يناير (كانون الثاني) من العام الجاري، والتي استمرت حتى الثامن عشر منمارس (آذار) الماضي.
وبيَّن أحد المصادر أنه «قبيل عودة القتال، ورغم تمركز الجيش الإسرائيلي في رفح؛ فإنالمقاتلين استطاعوا الخروج فوق الأرض، ووصلوا إلى خان يونس، وتواصلوا معقياداتهم والتقوا بهم، وشارك بعضهم في عمليات تسليم المختطفين الإسرائيليين،مثل أفراهام منغستو، في فبراير (شباط) الماضي»، لافتاً إلى أنه «بعد أيام من استئنافالحرب وفشل الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار مجدداً، عاد عناصر (القسام) إلىرفح عبر الأنفاق، وعادوا لكمائنهم فوق الأرض». وكان منغستو أسيراً داخل غزة منذحرب 2014
ومنذ نهاية مارس الماضي، بقي هؤلاء العناصر على تواصل مع قياداتهم حتى شهرأغسطس (آب) الماضي، وخلال هذه الفترة نفَّذوا سلسلة من العمليات التي أوقعتخسائر في القوات الإسرائيلية، رغم إعلان الأخيرة بسط سيطرتها على رفح كاملة.
وأطلقت آنذاك «كتائب القسام» سلسلة عمليات، أطلقت عليها اسم «أبوابالجحيم»، وأدت لمقتل نحو 6 جنود إسرائيليين، بعد سلسلة تفجير للمركباتالعسكرية والمنازل المفخخة، وفتحات الأنفاق، التي حاول عناصر «القسام» خلالإحدى حلقات هذه السلسلة أسر جندي إسرائيلي، في شهر مايو الماضي.
وسعت «حماس» التي كانت تخوض حينها مفاوضات لوقف الحرب، إلى التأكيد عبرعمليات «القسام» على أن لواء رفح ما زال نشطاً، في الوقت الذي كانت تقول فيهمصادر عسكرية إسرائيلية إنه تم تفكيك اللواء بالكامل بعد تدمير كتائبه.
وزمنياً، فإنه وفقاً لما أوردته مصادر «الشرق الأوسط»، قضى مقاتلو رفح –ومعهمقيادتهم المباشرة– أكثر من 8 أشهر داخل الأنفاق، وفي الكمائن الأخرى فوق الأرض.
كيف حصلوا على الطعام والمياه؟
وعند سؤال «الشرق الأوسط» مصادر ميدانية في الفصائل، عن طبيعة الإعاشة التييتلقاها مقاتلو «حماس» منذ وقف إطلاق النار، ووقوعهم في نطاق سيطرة الجيشالإسرائيلي، شرق الخط الأصفر، قالت: «الأنفاق كانت معدة ومجهزة ببعض كميات منالطعام والمياه».
ورجَّح أحد المصادر الذي واجه تجربة شبيهة في نفاد المؤن خلال أحد الحروبالإسرائيلية ضد غزة، أن المقاتلين «ربما اعتمدوا على ما يجدون من طعام، إما منمخلفات جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في بعض المنازل التي تمركزوا فيها، وإما فيمنازل المواطنين التي لم تُدمَّر». واستشهد المصدر بما نُشر على منصات التواصل قبلشهور، من رسائل مكتوبة تركها بعض المقاتلين من «حماس» و«الجهاد» لأصحابالمنازل، لمسامحتهم على ما أخذوه من طعام.
وفي المقارنة بين مهمات قوات النخبة في «كتائب القسام» ومهمات مجموعاتالقوى العاملة تحت الأرض، تقول المصادر إن هناك اختلافاً بين المهمات، فبعضهميعملون في الإمداد، وآخرون مهمتهم الكمائن، وبعضهم ينتقلون بين مجموعاتمختلفة، ويكونون على تنسيق مباشر مع القيادة الميدانية.
قيادات بارزة
ومن بين مَن سرَّبت وسائل إعلام إسرائيلية صورهم بعد قتلهم، تبين وجود قائد الكتيبةالشرقية في رفح، محمد البواب، ونائبه إسماعيل أبو لبدة؛ حيث إن البواب هو زوجشقيقة أبو لبدة، إلى جانب القيادي الثالث توفيق سالم، وهو قائد سرية النخبة فيالكتيبة، كما توضح مصادر «الشرق الأوسط».
وحسب المصادر، ظهر أبو لبدة في عملية تسليم أفراهام منغستو؛ حيث كان أبو لبدةفي تواصل مباشر مع طاقم «الصليب الأحمر» في عملية التسليم. وأشارت المصادرإلى أن البواب كان يتابع عملية التسليم عن بعد، ولم يشارك فيها بشكل مباشر.
وتكشف المصادر أن البواب وأبو لبدة كانا ممن أشرفوا على عملية أسر الضابط هدارغولدن خلال حرب 2014.
وكان من بين من قتلتهم إسرائيل: عبد الله حمد، نجل عضو المكتب السياسي لحركة«حماس» غازي حمد، وهو عضو الوفد المفاوض.
وتقول المصادر الميدانية إن نجل حمد كان ناشطاً في «القسام»، وقبل الحرب تخرجفي «كلية الرباط العسكرية» التابعة لحكومة «حماس»، وأصبح مدرباً. وتوضحالمصادر أنه قُتل برفقة ابن عمه أحمد سعيد حمد (أي ابن شقيق غازي حمد)، وقد كانافي النفق برفقة قيادات «القسام» ومقاتلين آخرين.
وتوضح المصادر أن سعيد حمد شقيق غازي قد فقد 3 من بناته اللواتي قُتلن بفعلقصف منازلهن بعد مشاركة أزواجهن في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)2023، وفي عمليات قتالية أخرى خلال الحرب.الشرق الأوسط