هل يحتاج الفلسطينيون إلى بديل فلسطيني ؟

11

هل يحتاج الفلسطينيون إلى بديل فلسطيني ؟

لقد آن الأوان أن يخرج الفلسطينيون في قيادة سلطة أوسلو، ويتصرفوا بطريقة منطقية، بعد أن فكك الإسرائيليون “أوسلو”.
لا يعقل بعد كل هذه السنوات ومع الممارسات الإسرائيلية أن تبقى السلطة صامتة إزاء استباحة قطاع غزة، وإعادة احتلاله، وبدء تهجير أهله، واستباحة الضفة الغربية يوميا، مع استمرار المسؤولين الإسرائيليين بالتصريح حول استحالة إقامة دولة فلسطينية، وأن تبقى السلطة مقتنعة أيضا أن هذا المشروع الفاشل سيولد دولة فلسطينية.

لاءات إسرائيل واضحة ومحددة، لا دولة فلسطينية، ولا قدس فلسطينية، ولا أرض فلسطينية، وبرغم اللاءات الإسرائيلية الثلاث تستغرق السلطة في ذات الدور الوظيفي بذريعة أنها لا تريد منح الاحتلال الذريعة للهجوم على كل الضفة، وتكرار سيناريو قطاع غزة، وكأن الضفة ليست تحت الهجوم والتصفية والتجريف أيضا.
سألت ذات مرة مسؤولا أمنيا فلسطينيا تقاعد من موقعه الحساس عن جدوى اتفاقية أوسلو بعد أن ثبت أنها مجرد فخ أفضى إلى الاعتراف بشرعية إسرائيل، فقال بكل برود إن السلطة تجاوزت الاتفاقية ولا تعتبرها موجودة أصلا منذ زمن بعيد، والحل في تكييف شكل قانوني جديد للتفاهم مع الاحتلال الإسرائيلي على مستقبل الفلسطينيين.
هذه وجهة نظر تؤكد أن صاحبها محموم بالحرارة، لأنها تقر أن الاتفاقية انتهت، وتتوهم أن إسرائيل ستقبل اتفاقية من نوع جديد.
استمرار السلطة في أداء الأدوار الإدارية والأمنية اليومية، في الوقت الذي تفكك فيه إسرائيل كل أدوار السلطة الثانية، وتكرس دورها الوظيفي فقط، مع التجفيف الاقتصادي المتواصل والذي سيؤدي إلى نتائج كارثية قريبا، مجرد إضاعة للوقت، ورهان على حل ما قد يتنزل فجأة، وهو رهان خاسر تماما، وسيؤدي قريبا الى انهيار كامل للسلطة، بكل أجنحتها وتحويل الفلسطينيين الى مجرد مجاميع سكنية بحاجة الى بلديات أمنية توفر الخدمات، وتقمع الوطنيين داخل الضفة الغربية، بعد أن خرجت السلطة من غزة.
كل المؤشرات واضحة، إذ إن تل أبيب ترفض قطعيا عودة السلطة الى غزة، وستواصل تعزيز الانفصال بطرق مختلفة، وستهدم كل مظاهر السلطة السياسية داخل الضفة الغربية، فيما يتولى الكنيست تغطية كل التوجهات من ضم الضفة الغربية، الى قراره السابق بمنع قيام دولة فلسطينية، في ظل رفض اسرائيلي ايضا لحل الدولة الواحدة، فهم لا يريدون الفلسطيني الا في قبره، ساكتا آمنا غافيا.
ما الذي ستفعله السلطة في هذه الحالة، إذا كانت هي في الأساس نواة لدولة فلسطينية لم تقم، بل لم تحافظ على حدودها في مخطط غزة- أريحا أولا، وما الذي تنتظره قيادات أوسلو هذه الأيام، غير المراهنة على مسار سياسي لا يوجد أي مؤشر على أنه سيحدث أساسا؟.
الجسم السياسي الفلسطيني الذي أنتج أوسلو ثبت فشله الشديد، إما لنقاط ضعف فيه، أو لأن المشروع الإسرائيلي أقوى، أو لأن العالم خذل الفلسطينيين وتآمر عليهم، وكلها أسباب تؤدي إلى نتيجة واحدة.
الفلسطينيون بحاجة إلى جسم سياسي فلسطيني بديل داخل فلسطين لا يرتبط بأوسلو، ومقاربة مختلفة تعيد قراءة المشروع الوطني الفلسطيني، وخروجا من اتفاقية أوسلو التي اعترفت بإسرائيل وبإمكان نقضها أن يعبر عن التراجع عن الاعتراف بإسرائيل في الحد الأدنى أمام العالم، ما دمنا نرى أن جناحي مشروع السلطة في غزة والضفة يتعرضان للتحطيم والتكسير يوميا.
مشروع السلطة فشل، والفلسطينيون بحاجة إلى بديل سياسي فلسطيني داخل فلسطين على مستوى المشروع والتمثيل والمستهدفات، بدلا من مهددات المشروع الإسرائيلي من الاحتلال أو تحطيم مشروع الدولة، أو محاولة تصدير المشكلة الى دول جوار فلسطين بعناوين مختلفة، لا تنطلي إلا على الأبرياء والسذج.
أما الذين شرعنوا إسرائيل عبر أوسلو فلن يرحمهم التاريخ.الغد

قد يعجبك ايضا