حاملة الطائرات «الأكبر في العالم” تقترب من فنزويلا
حاملة الطائرات «الأكبر في العالم» تقترب من فنزويلا
كولومبيا علّقت التعاون الاستخباراتي مع واشنطن… وتحذيرات من حرب موسعة
أعضاء في الميليشيا البوليفارية والقوات المسلحة يشاركون في مناورة عسكرية أمر بهاالرئيس الفنزويلي
العقبة الإخباري- تتّجه الأزمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا نحو منعطف خطير، معوصول «يو إس إس جيرالد فورد»، أكبر حاملة طائرات في العالم، إلى قبالة سواحلأميركا اللاتينية.
ومنذ أغسطس (آب)، تنشر واشنطن قدرات عسكرية كبيرة في منطقة البحر الكاريبي،من بينها 6 سفن حربية، بهدف معلن هو مكافحة تهريب المخدرات إلى الولاياتالمتحدة. وأسفرت 20 غارة جوية على سفن اشتبهت الولايات المتحدة بأنها تحملمخدرات، عن مقتل 76 شخصاً على الأقل.
وبينما عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها من هذا التصعيد، أعلنت كولومبيا تعليق تعاونهاالاستخباراتي مع واشنطن، احتجاجاً على ما وصفته بـ«الانتهاكات المتزايدة للقانونالدولي وحقوق الإنسان» في العمليات الأميركية ضد قوارب. وإلى جانب كولومبيا،نقلت تقارير إعلامية عن مصادر بريطانية تعليق لندن تبادل المعلومات الاستخباريةحول تهريب المخدرات في منطقة الكاريبي منذ شهر سبتمبر (أيلول).
انشقاق الحلفاء
في الوقت الذي رفضت فيه لندن التعليق على «القضايا الاستخباراتية»، يُمثّل وقفالتعاون الاستخباري مع واشنطن في ملف مكافحة تهريب المخدرات تحولاً نادراً فيالعلاقة الخاصة التي جمعت البلدين لعقود. فبحسب ما نقلته وسائل إعلام عدة، تخشىالحكومة البريطانية أن تجد نفسها «متواطئة» في ضربات عسكرية «غير قانونية» تُنفّذها القوات الأميركية ضد زوارق في المياه الدولية قبالة فنزويلا.)
بريطانيا، التي لطالما ساعدت الولايات المتحدة في تعقّب شبكات التهريب عبر البحرالكاريبي، وجدت نفسها مضطرة لوقف هذا التعاون بعد استخدام القوة المفرطة ضدسفن لا تُعرف هويات طواقمها، وفق التقارير. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنخلافاً حاداً تفجّر بين مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) وجهاز الاستخباراتالبريطاني (إم آي 5) بسبب خفض التمويل الأميركي لبرامج التعاون التقني في هذاالمجال.
ورأت دوائر دبلوماسية أن هذه الخطوة تشكّل «شقّاً في التحالف الأطلسي» ورسالةإنذار واضحة للرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن سياساته أحادية الجانب في المنطقةتهدد حتى أمتن تحالفات واشنطن التقليدية.
الاعتراضات البريطانية قابلها أيضاً موقف فرنسي بلسان وزير الخارجية جان نويل بارو،من كندا، لحضور اجتماع وزراء مجموعة السبع، حيث عبّر عن «القلق من العملياتالعسكرية في منطقة البحر الكاريبي لأنها تتجاهل القانون الدولي». وأضاف أن باريستريد «بشكل واضح تجنب» أي تصعيد، مشيراً إلى أن «كل دول مجموعة السبع تشعربالقلق إزاء تصاعد تجارة المخدرات والجريمة المنظمة»، وبالتالي «لدينا مصلحة فيالعمل معاً».
غضب كولومبيا
بدوره، أمر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو قوات الأمن في بلاده بوقف تبادلالمعلومات مع الوكالات الأميركية، «ما دامت واشنطن تواصل هجماتها الصاروخيةعلى القوارب في الكاريبي». وكتب بيترو على منصة «إكس» إن «مكافحة المخدراتيجب أن تحترم حقوق الإنسان لشعوب الكاريبي»، مذكّراً بتاريخ التعاون الطويل بينبوغوتا وواشنطن.
ويُذكر أن نحو 85 في المائة من المعلومات الاستخبارية التي تستخدمها القوة الأميركيةالمشتركة في فلوريدا لتعقّب شبكات التهريب، مصدرها كولومبيا، وفق تقارير. واعتبرالمشرّع الديمقراطي غريغوري ميكس أن قرار بيترو يُشكّل «ضربة قوية» للجهودالأميركية في المنطقة.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن حاملة الطائرات «جيرالد فورد»، وهيأكبر وأحدث حاملة في الأسطول الأميركي، دخلت نطاق القيادة الجنوبية الأميركية،وترافقها 3 مدمرات، وعلى متنها 4 آلاف بحار وعشرات المقاتلات.
ويقدّر محللون أن تكلفة تشغيل هذه القوة تبلغ نحو 8.4 مليون دولار يومياً، ما يعكسحجم الرهان الأميركي على العملية الجارية. وقال المتحدث باسم البنتاغون، شونبارنيل، إن الهدف من التعزيزات هو «تعطيل شبكات تهريب المخدرات وتفكيكالمنظمات الإجرامية العابرة للحدود»، لكن مصادر في الكونغرس حذّرت من أن هذاالتصعيد قد يكون تمهيداً لعمل عسكري أوسع ضد نظام نيكولاس مادورو.
فنزويلا تستنفر
في كاراكاس، أعلن وزير الدفاع فلاديمير بادريينو لوبيز أن بلاده وضعت كامل ترسانتهاالعسكرية في حالة «جاهزية قصوى»، ونفذت تعبئة واسعة تشمل نحو 200 ألفجندي من القوات النظامية والميليشيا الشعبية. وأكد أن فنزويلا «لن تقف مكتوفةالأيدي أمام أي عدوان أميركي»، مضيفاً أن الاستعدادات تشمل نشر قوات برية وجويةوبحرية وصاروخية على امتداد البلاد.
مادورو يلقي خطاباً حول الاستعدادات للدفاع عن البلاد وسط التوتر مع الولاياتالمتحدة يوم 12 نوفمبر (رويترز)
ويرى محللون أن هذه التعبئة تهدف أساساً إلى ردع أي ضربة أميركية محدودة قدتستهدف مواقع، يُعتقد أنها تضم معامل كوكايين أو مهابط سرية للطائرات، وليسمواجهة غزو شامل لا تملك كاراكاس مقوماته. ورغم نفي ترمب نيته شن حرب علىفنزويلا، فإن تصريحاته بأن «أيام مادورو باتت معدودة» زادت الشكوك حول نياتهالحقيقية. بحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فقد درست الإدارة الأميركية مجموعةمن الأهداف المحتملة تشمل قواعد عسكرية فنزويلية، و«مختبرات الكوكايين»،ومهابط سرية للطائرات قرب الحدود مع كولومبيا. كما أشار خبراء إلى احتمالاستهداف أجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للنظام. لكن خبراء القانون الدولي يرون أنهذه العمليات «غير شرعية»، لأن القوارب المستهدفة مدنية وليست في حالة عداءمسلح مع الولايات المتحدة.
حملة رمزية؟
في المقابل، حذر أعضاء في الكونغرس من «زحف التوسع في صلاحيات الحربالتنفيذية»، داعين إلى إلزام الإدارة بالحصول على تفويض من المجلس قبل أي عملعسكري. وقال السيناتور الجمهوري تود يونغ إن العملية «تتناقض مع رغبة غالبيةالأميركيين الذين لا يريدون انخراطاً عسكرياً جديداً في الخارج».
حتى الآن، نفذت القوات الأميركية 20 ضربة بحرية دمّرت زوارق صغيرة في الكاريبيوالمحيط الهادئ، من دون أن تؤدي إلى تراجع ملموس في تهريب الكوكايين أوالفنتانيل إلى الأسواق الأميركية. ويرى مسؤولون سابقون أن الحملة «رمزية أكثر منهااستراتيجية»، إذ إن معظم المخدرات تمر عبر طرق أخرى لا علاقة لها بفنزويلا.
وفي ظل الغموض الذي يكتنف نيات ترمب، يتخوف مراقبون من أن تتطور الحملةالمحدودة إلى مواجهة مفتوحة في منطقة تعج بالتوترات. ومع انقسام الحلفاء وارتفاعكلفة العمليات، يبدو أن واشنطن تسير على خيط رفيع بين استعراض القوة والانزلاقإلى مواجهة لا تريدها.