محطات المعرفة، والتخبط الاداري الصارخ
محطات المعرفة، والتخبط الاداري الصارخ
علي السنيد:
قرارات مفاجئة تطال كافة مدربي محطات المعرفة التابعين لوزارة الاقتصاد الرقميوالبالغين 65 مدربا ، والذين تفاجؤوا قبل نحو عشرة ايام، وتحديدا بتاريخ 27/10/2025 بتبليغهم عبر البريد الالكتروني و رسائل نصية تفيد بنقلهم الى وزارتيالشباب والثقافة وذلك دون تبليغ او اشارة الى نية النقل و صدور كتب رسمية بهذاالخصوص بتاريخ03-11-2025 ، مع طلب عاجل لاتمام معاملات براءة الذمة والانفكاكقبل يوم الثاني من تشرين الثاني ٢٠٢٥ ولكافة هؤلاء الموظفين، وهو ما اثار حفيظتهمازاء قرارات النقل التعسفية الصادرة بحقهم دون سابق انذار، والتي جرت بسرعة كبيرة،واخلت بالتزامات تدريبية ما تزال قائمة تجاه المجتمع المحلي و مدفوعة البدلاتالتدريبية مما يمس بحقوق المواطنين ، وحيث تشمل الخدمات الرقمية المقدمة منخلال محطات المعرفة والتي هي مبادرة ملكية في الاساس كافة محافظات المملكة،والقرى الاردنية النائية، والبعيدة .
والقرارات الجائرة بنقل هؤلاء المدربين الاكفياء الذين يحملون شهادات دولية فيالذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية ويقدمون دورات متقدمة على مستوىالمملكة لم تراع خبراتهم الطويلة المستمدة في الميدان، واعطائهم الدورات لنحو 2 مليون مواطن والمكتسبة عبر عشرات السنين، وذلك في مجال التحول الرقمي ،
وجرت دون تقييم اثر موضوعي لنقل هولاء المدربين عن اماكن عملهم في نحو 75 محطة معرفة، والذي سيؤدي حتما الى اغلاقها ، وحرمان المواطنين من خدماتهاالرقمية، وبدون وجود خطة واضحة لتحولها الى محطات مستقبل كما يروج له لتبريرالقرار، والتي تحتاج عملية تجهيزها لاربع سنوات قادمة على اقل تقدير، وبما يوقف عملمحطات المعرفة الحالية نهائياً.
وكان يمكن اعتبار خبراء ومدربي محطات المعرفة هم النواة الاكثر توافقا مع هذاالمشروع اذا وجد طريقه فعلا للتنفيذ نظرا لخبراتهم المكتسبة في هذا المجال. .
وكذلك لم تأخذ قرارات النقل بعين الاعتبار الاثر النفسي على مسيرة هؤلاء المدربينالعملية، وقتل طموحهم الوظيفي، ونقلهم الى وزارات لا تتناسب مع خبراتهم وخاصةفي وزارة الثقافة.
وهذه القرارات الصادرة اليوم هي تأتي مواصلة لسلسلة قرارات متخبطة في وزارةالاقتصاد الرقمي، حيث تم في العام 2020 تحويل 40 محطة الى حاضنات اعمال الاان المشروع الذي لم يأخذ حقه في الدراسة الكافية لم يحالفه الحظ، وذلك رغم كلفتهالعالية ، وتم التراجع عنه.
واما الخلفية التي يمكن لها تفسير طبيعة هذه القرارات والتي تشي بانعدام روحالمؤسسية في القطاع العام فهي تأتي على اثر مطالبة الموظفين بحقوقهم الماليةوالادارية التي تم حرمانهم منها عند دمجهم في وزارة الاقتصاد الرقمي ورفعهم قضيةلدى المحكمة الادارية للمطالبة بهذه الحقوق.
وهذا يحدث الربط تلقائيا فيما يبدو بين قرارات النقل، ومطالبة الموظفين بحقوقهم،وبما عرضهم مجددا الى ضرر مالي واداري ووظيفي وبشكل افدح، وخاصة بان قراراتالنقل لم تراع ضرورة انتقالهم لوزارات اكثر انسجاما مع كفاءتهم، وقدراتهم العملية، وخبراتهم المستمدة عبر سنوات عملهم الطويلة في محطات المعرفة.
لا شك ان ما يحدث من تخبط في الادارة العامة، وتظهر بعض مؤشراته بين الفينةوالاخرى يؤشر الى فشل توجهات الدولة الاردنية نحو الاصلاح الاداري ، وذلك انالاصلاح رؤية طموحه، وتفجر الطاقات، وتحتاج الى عقليات جبارة – بعيدة عن الاهواءالشخصية– لكي تضعها حيز التنفيذ.