هل تنجح الضغوط العربية والدولية في ردع إسرائيل عن ضم الضفة؟
كتب: عمران السكران
العقبة اليوم- تشهد المنطقة في الأسابيع الأخيرة نقاشاً محتدماً حول نوايا الحكومة الإسرائيلية بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، في ظل تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات هذه الخطوة على الاستقرار الإقليمي ومستقبل عملية السلام، وفي هذا السياق، برزت التحذيرات الإماراتية للبيت الأبيض من أنّ أي ضمّ إسرائيلي قد يُقوّض اتفاقات أبراهام ويضعها أمام خطر الانهيار، وهو ما يكشف عمق القلق الخليجي من السياسات الإسرائيلية المتسارعة.
بحسب تقرير نشره موقع Axios الأميركي، فقد أبلغت أبوظبي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّ المضي قدماً في مخططات الضم سيشكّل ضربة مباشرة للاتفاقات التي وُقعت عام 2020، مسؤول إماراتي رفيع قال للموقع إنّ الخيارات أمام إسرائيل واضحة: “إما الاندماج الإقليمي أو الضم”، في إشارة إلى أنّ أبوظبي ترى في التوسع الاستيطاني والضم خطاً أحمر يهدد العلاقة الثنائية وروح الاتفاقات.
الموقف الإماراتي جاء متزامناً مع تزايد النقاشات داخل إسرائيل حول توقيت الضم، حيث ذكرت وسائل إعلام عبرية أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مشاورات متكررة مع فريقه، بينما لم يحسم البيت الأبيض موقفه بعد.
وبينما أبدى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو تفهماً ضمنياً للخطوة الإسرائيلية، عبّر مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف عن رفضه لها، محذراً من أنّها ستعقّد الجهود الأميركية لإطلاق خطة إقليمية لما بعد الحرب في غزة، وقد تنسف أي أمل في اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية.
البعد الإقليمي والرسالة الإماراتية
الإمارات، التي احتفظت بعلاقاتها مع إسرائيل حتى في ظل حرب غزة، أوصلت رسالة صريحة مفادها أنّ سياسة الضم ستعيد المنطقة إلى مربع الصراع وتُفقد اتفاقات أبراهام قيمتها. كما أكدت السفيرة لانا نسيبة في حديث لصحيفة Times of Israel أنّ أبوظبي تثق بأنّ الرئيس ترامب “لن يسمح بتشويه إرثه السياسي المرتبط بالاتفاقات”.
هذه الرسالة تحمل دلالة سياسية مهمة، إذ تحاول الإمارات توظيف قنواتها المباشرة مع واشنطن للضغط على تل أبيب قبل أن تتخذ خطوات أحادية لا رجعة فيها.
الدور الأردني: ثابت ورافض
في موازاة ذلك، لا يمكن إغفال الدور الأردني الذي يُعدّ من أبرز الأطراف المتأثرة بأي ضم إسرائيلي .. الأردن، بحكم وصايته الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وباعتباره شريكاً أساسياً في عملية السلام، أعلن مراراً أنّ الضم يشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتهديداً مباشراً لحل الدولتين.
عمان لطالما حذرت من أنّ مثل هذه السياسات ستدفع المنطقة نحو تصعيد خطير، ليس فقط على مستوى الفلسطينيين، بل أيضاً على صعيد العلاقات الأردنية–الإسرائيلية التي شهدت مراحل من التوتر.
عبّر الأردن بصراحة عن رفضه الشديد لضم الضفة، حيث حذّر جلالة الملك عبد الله الثاني من أنّ مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى “صراع ضخم”، مهددًا بإعادة النظر في اتفاقية السلام مع إسرائيل، بالموازاة، أكّد وزير الخارجية أيمن الصفدي أن الضم “سيقتل حل الدولتين” ويشكل خطراً وجودياً للسلام، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك عاجلاً لمنعه.
كما قاد الأردن جهوداً دولية بالتنسيق مع فرنسا وألمانيا ومصر والإمارات خلال اجتماعات لوزراء الخارجية الذين أصدروا بياناً مشتركاً أعلنوا فيه رفضهم للضمّ واعتباروه انتهاكاً للشرعية الدولية.
في المحصلة، تكشف التحذيرات الإماراتية والموقف الأردني الرافض أنّ مشروع الضم ليس شأناً فلسطينياً إسرائيلياً داخلياً، بل قضية إقليمية تحمل أبعاداً تتجاوز حدود الجغرافيا.
فبينما ترى الإمارات في الضم تهديداً لاتفاقات أبراهام، يعتبره الأردن تهديداً وجودياً لحل الدولتين واستقرار المنطقة.
ويبقى السؤال مفتوحاً: هل تنجح الضغوط العربية والدولية في ردع إسرائيل، أم أنّ حسابات الداخل الإسرائيلي ستدفع باتجاه مغامرة سياسية قد تغيّر ملامح المنطقة برمّتها؟