رؤية التحديث الاقتصادي… من بناء القواعد إلى الآثار الملموسة

د. محمد أبو حمور

24

خلال بضعة أشهر سوف يتم بدء العمل في مشاريع وبرامج المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، التي سوف تستمد زخمها من نتائج أعمال ورش العمل التي عقدت في الديوان الملكي الهاشمي واستُكملت بورش العمل القطاعية.

ومن المتوقع أن يكون قد تم تقييم وإعادة مراجعة نتائج البرنامج التنفيذي للمرحلة الأولى واستخلاص النتائج والعبر وتقديم التوصيات المناسبة وبناء السيناريوهات التي تركز على المبادرات ذات الأثر الفعلي المواكبة للمستجدات، والتي سيلمس المواطنون نتائجها في مختلف جوانب حياتهم اليومية.

وفي هذا السياق يبرز موضوع توليد فرص العمل باعتباره من أهم مستهدفات الرؤية التي تنعكس بشكل مباشر على تحسين حياة المواطنين وتتعامل مع تحد رئيسي وهو نسبة البطالة المرتفعة.

توليد فرص العمل ضرورة اقتصادية واجتماعية، فهو إحدى الأدوات التي تساهم بشكل فاعل في تخفيف حدة الفقر وتحسين مستوى معيشة المواطن وتقليص الحاجة إلى التوسع في برامج الحماية الاجتماعية، مما يعني تخفيف أعباء المالية العامة، ناهيك عن ما يدفعه الشخص المنتج من ضرائب ورسوم.

وفي نفس الوقت يعزز الانتماء والاستقرار الاجتماعي، كما أن استحداث وتوليد فرص العمل يساعد في الاستفادة من الطاقات والإمكانات المتوفرة في المجتمع، وعندما يتاح للمواطن الاستفادة من إمكانياته وطاقاته في ميدان العمل والبناء، فذلك يشكل حافزاً للابتكار وتحسين الكفاءة والإنتاجية.

ورغم أن الحديث ما يدور عادة حول ضرورة زيادة نسبة النمو لتوليد فرص العمل، إلا أن العلاقة الجدلية تؤكد أيضاً بأن فرص العمل المستحدثة تساهم في رفع نسبة النمو الاقتصادي عبر رفع الطلب المحلي على السلع والخدمات، وباختصار فتوليد فرص العمل يحظى بأهمية استثنائية اقتصادية واجتماعية، ولا بد أن يُولَى أهمية خاصة لدى صياغة السياسات الاقتصادية والاستثمارية.

نلمس في هذه الأيام أثر الثورة الرقمية والتطور التكنولوجي والابتكار على التغيرات التي يشهدها سوق العمل، وهذا يحتم ضرورة أن تتميز البرامج والسياسات والإجراءات المستقبلية الهادفة إلى توليد فرص العمل بالديناميكية والقدرة على التكيف مع المتغيرات ومجابهة التحديات، مع التركيز على فرص العمل المستدامة وتبني برامج مناسبة في ميدان التعليم والتدريب وتنمية المهارات بما يواكب مختلف المستجدات.

توليد مزيد من فرص العمل المستدامة في إطار المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي مهمة وطنية تستدعي تضافر كافة الجهود وبناء تعاون فعال بين مختلف أطياف ومؤسسات المجتمع الحكومية منها والخاصة.

والقطاع الخاص يمثل المحور الأساس في هذه الجهود، لذلك لا بد من تأمين المقومات الأساسية التي تساعده على التطور والتوسع والازدهار، ومعالجة كافة المعيقات والتحديات الحالية أو المستقبلية عبر سياسات وبرامج فعالة وكفؤة تساعد على جذب وتحفيز الاستثمارات والمضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات وتبسيط الإجراءات التنظيمية وتقديم حوافز مرتبطة بتوليد فرص العمل، وتسهيل الوصول إلى التمويل وتنمية المهارات وتشجيع الريادة ورعايتها وتحفيز الشركات الصغيرة والمبادرات المجتمعية والشبابية، وغيرها من الإجراءات والسياسات التي تدرك أن توفير فرص العمل المستدامة ضمانة للاستقرار المجتمعي والازدهار الاقتصادي.

قد يعجبك ايضا