إطلالة سد الوالة.. وجهة شبابية ومشروع واعد
بعيدًا عن التهافت على المقاهي وازدحام روادها، ووسط تلوّث يغطي الأجواء بسبب الأرجيلة والتدخين، وفي أماكن تضيق بروّادها، وجد الشباب في محافظة مادبا متنفسًا مختلفًا للهروب من ضغوطات الحياة اليومية وملل وقت الفراغ.
الوجهة الجديدة كانت مخيم إطلالة سد وادي الوالة؛ حيث الهواء الطلق، والمساحات الواسعة، والمرافق الخدمية التي تلائم العائلات والأفراد من الشباب لقضاء ساعات من الترفيه، بل والإقامة والمبيت أحيانًا.
وفي ظل الارتفاع العام في الأسعار، فإن الكلفة المالية لم تكن عائقًا، بعدما سمحت إدارة المخيم للزوار بإحضار احتياجاتهم الغذائية، سواء كانت جاهزة أو تُعدّ داخل المخيم باستخدام الأدوات المتوفرة مجانًا. أما رسوم الدخول، فهي دينار واحد فقط عن كل فرد.
عند التجوال في الأماكن المخصصة للزوار، تلمس أجواء من الهدوء والأمان، ويظهر احترام واضح لخصوصية الزائرين، حيث توجد أماكن جلوس للعائلات، وأخرى مخصصة للشباب، إضافة إلى ألعاب للأطفال تلبي اهتماماتهم دون ملل.
المخيم يطل على سد الوالة، أحد السدود التابعة لوزارة المياه. ورغم تراجع منسوب المياه فيه هذا العام، إلا أن الزرقة التي تكسو السد قبل الغروب تلفت الأنظار، وتأخذ الزائر إلى تضاريس المنطقة المحيطة به، التي تزدان بأشجار حرجية يتمنى الزائر لو أن تُزرع في كل بقعة جرداء.
حسين السنيد، المدير العام للمخيم (وهو عسكري متقاعد)، قال لـ”الرأي” إن فكرة إقامة المشروع “لمعت في ذهنه” انطلاقًا من قناعة بأن “المشاريع الصغيرة” يمكن أن تكون بداية لتخفيف البطالة، بدلًا من انتظار الوظيفة.
ويضيف السنيد: “مثل هذه المشاريع تحتاج إلى مغامرة، ورأس مال بسيط، رغم ارتفاع الأسعار ونقص بعض المواد. وقد راعينا الحالة المعيشية البسيطة لمعظم سكان المنطقة، لذا سمحنا بإدخال الاحتياجات الغذائية، وفرضنا رسوم دخول رمزية، مع إمكانية تقديم هذه الخدمات داخل المخيم لمن يرغب بذلك”.
وأشار إلى أن المشروع حصل على الترخيص من وزارة السياحة عام 2024، ليكون أول مشروع تنموي من نوعه في لواء ذيبان.
وشدّد السنيد على أهمية توفير وقت ترفيهي مفيد للشباب، بعيدًا عن مظاهر العنف المجتمعي، والانحرافات السلوكية، وتعاطي المخدرات، بما يتيح فرص التعارف وتكوين صداقات جديدة، والتحلّي بالقيم الأردنية الطيبة، التي تظهر في تعامل الزوار، ومظاهر الكرم والبساطة بينهم، سواء من العائلات أو الشباب من مختلف مناطق المحافظة.
وفي الجانب الاقتصادي، أشار السنيد إلى أن المشروع لم يغطِّ بعدُ تكاليف إنشائه، خاصة أنه تزامن مع الحرب على غزة، لكنه نجح في توفير فرص عمل مباشرة لـ15 شابًا، إلى جانب تشغيل مهنيين وفنيين، والتعاون مع مزوّدي المواد الغذائية والخدمات الأخرى.
واختتم السنيد حديثه بتوجيه الشكر إلى وزارة الزراعة على دعمها بالمساعدة في توفير الأشجار، مبديًا في الوقت نفسه عتبه على بعض الوزارات المعنية بالمشاريع التنموية، التي لم تقدّم بعدُ ما هو مأمول منها في مجالات السياحة، والمياه، والنظافة، والطرق. ودعا إلى مزيد من التكامل بين القطاعين العام والخاص للنهوض بالتنمية، كما تؤكد عليه كتب التكليف السامي للحكومات.