هل انقرض النياندرتال فعلًا؟ .. كشف علمي يعيد تشكيل فهمنا لتاريخ الإنسان

خاص - العقبة اليوم الإخبارية

5

في كشف علمي قد يعيد تشكيل فهمنا لتاريخ الإنسان، أعلنت جامعة برينستون أن البشر المعاصرين وإنسان النياندرتال لم يتقاطعوا فحسب، بل تزاوجوا وتبادلوا الجينات على مدى يزيد عن 200 ألف عام، وفقًا لدراسة نُشرت حديثًا في مجلة Science.

الفريق البحثي، بقيادة عالم الوراثة الدكتور جوشوا آكي، استخدم أداة تحليل جيني مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُعرف بـ”IBDmix”، مكّنتهم من تتبع أنماط التهجين بين البشر والنياندرتال عبر ثلاث موجات زمنية: الأولى قبل نحو 250 ألف سنة، الثانية قبل 120 ألفًا، والأخيرة والأكبر قبل 60 ألف سنة تقريبًا.

الدراسة اعتمدت على تحليل جينات 2000 إنسان معاصر، إلى جانب ثلاث عينات نياندرتالية وأخرى من الدينيسوفان، وهي مجموعة بشرية قريبة من النياندرتال عاشت في آسيا.

هذه النتائج تطرح سؤالًا جوهريًا طالما حيّر العلماء: هل انقرض النياندرتال فعلًا؟

الدكتور آكي يجيب: “لا أحب استخدام مصطلح الانقراض. النياندرتال لم يختفوا فجأة، بل تقلّصت أعدادهم تدريجيًا، ثم ذابوا في مجتمعات الإنسان الحديث. لقد تم امتصاصهم داخلنا”.

الدراسة تشير إلى أن النياندرتال، الذين قُدِّر عددهم بنحو 2400 فرد فقط في المتوسط، واجهوا تحديات سكانية كبيرة، مقارنة بالبشر المعاصرين الذين كانوا يتكاثرون بأعداد أكبر وينتشرون جغرافيًا بسرعة.

وتُظهر الأبحاث أن الصورة النمطية للنياندرتال على أنهم بدائيون وغير أذكياء باتت من الماضي؛ فقد كانوا ماهرين في صناعة الأدوات، ويجيدون الصيد، بل وكانوا يعالجون جراح بعضهم البعض بأساليب متقدمة، بحسب الأدلة الأثرية.

أما من الناحية الوراثية، فقد وجد الباحثون أن البشر الحاليين في مختلف مناطق العالم، بما فيهم من يعيشون في مناطق بعيدة عن كهوف النياندرتال، يحملون بقايا جينية من النياندرتال.

ووفقًا للدكتور آكي، فإن هذه الآثار الوراثية توضح أن الهجرات البشرية القديمة كانت أكثر تعقيدًا مما اعتقدنا، حيث لم يقتصر البشر على البقاء في إفريقيا لمئات آلاف السنين ثم الخروج منها، بل خرجوا وعادوا مرارًا، وتزاوجوا مع أقوام النياندرتال والدينيسوفان، مما أعاد رسم خريطة تطور الإنسان.

لا يبدو أن إنسان النياندرتال انقرض كما كنا نظن، بل ذاب فينا، ويعيش أثره داخل جيناتنا حتى اليوم، وهذا ما يجعل التساؤل حول انقراضه، أقرب إلى إعادة تعريف لمفهوم “الاندثار” نفسه.

قد يعجبك ايضا