قمة “الفرصة الأخيرة”..

راكان السعايدة

65

ليس ثمة فرصة أخرى أمام الدول العربية والإسلامية لحماية نفسها من البلطجة الصهيونية، إلاّ إذا خرجت “قمة الدوحة” بقرارات وإجراءات عملية تردع الكيان وتوقفه عند حده.

وعندما نقول “الفرصة الأخيرة”، لا ندّعي ولا نبالغ، لأنه لن تتوفر فرصة أخرى يجتمع فيها العالمان العربي والإسلامي بمثل هذه الحدة لاسترداد جزء من كرامتهما أمام العالم، وقبل ذلك أمام الشعوب العربية والإسلامية التي فقدت ثقتها بالنظام العربي الرسمي، وبالتعاون بين الدول الإسلامية، وبالمنظومة الدولية، دولًا ومنظمات.

لذا، فلتكن “قمة الدوحة” التي ستعقد تداعيًا لعدوان “إسرائيل” على قطر، الرافعة العربية والإسلامية التي يتم توظيفها لإجبار أميركا وأوروبا على وقف جنون وهستيريا الكيان الصهيوني في المنطقة.

الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم يريدون أن تتوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة، أن يتوقف مشروع ضم الضفة الغربية وفرض السيادة عليها، أن تتوقف استباحة المسجد الأقصى وعمليات تهويده، أن تتوقف الاعتداءات على لبنان وسوريا واليمن، وأن يلتزم الكيان، ومن قبله أو بعده الغرب كله، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

هل أبالغ في هذه النتائج..؟
أبداً. ليس في هذه المطالب أي مبالغة، ويمكن تحقيقها إن توفرت الإرادة والعزيمة لدى الأنظمة العربية والإسلامية، التي ستجد شعوبها كلها أمامها وليس خلفها، لتغيير الواقع ووقف الاستباحة الصهيونية لكل ما هو عربي وإسلامي.

ومن يظن أن “إسرائيل” تفعل كل ما تفعله لأنها القوة الخارقة التي لا يمكن وقفها، فهو واهم، أو أنه معنيٌّ بخلق هذا الوهم لإبقاء العرب والمسلمين يائسين ومحبطين، ليس لديهم ثقة بأنفسهم.

“إسرائيل” تعتمد على عاملين في كل ما تفعل من إجرام؛ الأول: قوة أميركا، والثاني: ضعف العرب. كسر هذه المعادلة التي يتكئ عليها الكيان ممكن، وبمقدور “قمة الدوحة” أن تؤسس لكسره، بشرط أن تكون القمة على قدر من الصلابة والقوة لتقول: كفى.

ماذا يفترض بالقمة أن تقرر لكسر الواقع ولجم الكيان..؟
أولاً: أن تعلم أميركا أنها ستدفع كلفة الغطاء والحماية الممنوحين للكيان، وكلفة توظيفها قوتها لدعم حروبه واعتداءاته على دول المنطقة، وذلك بالإعلان عن مراجعة وإعادة تقييم الدول العربية والإسلامية لعلاقاتها السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية مع أميركا.
ثانياً: أن تعلن الدول العربية والإسلامية انفتاحها على الصين، وأن تدعو لعقد قمة تجمع الصين بالعالمين العربي والإسلامي، وقمة أخرى مع روسيا، بل يمكن أن تعقد قمة واحدة بين العرب والمسلمين ممن هم خارج مجموعة “بريكس” مع من هم أعضاء فيها.
ثالثاً: أن تعلن القمة العربية تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، وأن تقول بلغة واضحة إن أي اعتداء على أي دولة عربية هو اعتداء على الجميع.
رابعاً: أن تعلن الدول التي لديها علاقات مع الكيان تجميد هذه العلاقات وأي اتفاقيات بينها، بما فيها الاتفاقيات الاقتصادية، على أن يكون هذا التجميد بقرارات تتخذها القمة.
خامساً: السماح للشعوب العربية والإسلامية بأن تعبر عن نفسها وعن مواقفها الرافضة للإجرام الصهيوني على امتداد الساحتين العربية والإسلامية.
سادساً: أن تؤكد القمة أن القوانين والمواثيق الدولية تمنح الشعوب المحتلة أرضها حق مقاومة الاحتلال بكل الطرق والوسائل، وأن المقاومة في فلسطين تعبير مشروع عن رفض الاحتلال وحقها في كنسه.

قد تبدو هذه النتائج طموحة، لكن إذا لم تخرج “قمة الدوحة” بشيء من هذا القبيل، واكتفت ببيانات شاجبة ومنددة، فأبشروا بمزيد من التهور والاستباحة.

إن اللحظة الآن فارقة في مستقبل المنطقة وأنظمتها السياسية، وربما جاء الاعتداء الصهيوني على قطر فرصة تاريخية يجب استثمارها بما يعيد للأمتين العربية والإسلامية كرامتهما ويجعل لهما مكانًا بين الأمم، ومن قبل اجعلوها قمة استعادة الشعوب.

لا تضيعوها.. إنها فرصتكم الأخيرة

قد يعجبك ايضا