غارة إسرائيلية تخلط أوراق الوساطة وتفجر أزمة إقليمية

كتب: عمران السكران

51

في مشهد غير مسبوق، شهدت العاصمة القطرية الدوحة تطورًا خطيرًا عندما شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت قيادات من حركة حماس كانوا يعقدون اجتماعًا لمناقشة مقترح وقف إطلاق النار المدعوم أميركيًا.

الهجوم لم يكن مجرد عملية عسكرية محدودة، بل تحول إلى زلزال سياسي ودبلوماسي أعاد رسم ملامح الصراع، وطرح أسئلة عميقة حول مستقبل المفاوضات ودور الوسطاء، لقد وجدت قطر نفسها فجأة في قلب المواجهة، فيما انقسمت ردود الفعل الدولية بين إدانة قاطعة ودعوات عاجلة لوقف التصعيد، في لحظة حبلى بالتحولات والتداعيات.

مشهد الضربة

في التاسع من سبتمبر 2025، استيقظت العاصمة القطرية الدوحة على أصوات انفجارات هزّت أحد أحيائها، بعد أن نفّذت إسرائيل غارة جوية استهدفت وفدًا من قيادات حركة حماس كانوا مجتمعين لمناقشة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن وقف إطلاق النار. إسرائيل أعلنت على لسان رئيس أركانها أنها “لن تهدأ حتى تعيد مختطفيها وتحسم وجود حماس”، بينما اعتبرت الحركة أن ما جرى محاولة اغتيال متعمدة لإجهاض أي فرص للتسوية.

الموقف الأميركي والجدل حول الإبلاغ

البيت الأبيض أكد أن الجيش الأميركي أبلغ الإدارة بالهجوم قبل وقت قصير، وأن ترمب وجّه مساعده ويتكوف لإخطار الدوحة، لكن الخارجية القطرية نفت تمامًا أن تكون قد تلقت إخطارًا مسبقًا، موضحة أن الاتصال الأميركي جاء خلال وقوع الانفجارات.

هذا التباين في الروايات وضع واشنطن في موقف محرج أمام حلفائها، وطرح تساؤلات حول مستوى التنسيق الأميركي ـ الإسرائيلي.

قطر في قلب الأزمة

الدوحة، التي لعبت طوال الأشهر الماضية دور الوسيط الأساسي بين إسرائيل وحماس، وجدت نفسها في قلب المواجهة، مندوبتها لدى الأمم المتحدة وصفت الهجوم بأنه “اعتداء إجرامي جبان وانتهاك صارخ للقانون الدولي”، وأكدت أن قطر لن تتساهل مع أي مساس بسيادتها، كما أعلنت الجهات الرسمية فتح تحقيقات على أعلى مستوى واتخاذ إجراءات لحماية السكان.

ردود عربية وإقليمية

الأردن ومصر سارعا إلى إدانة الاعتداء، حيث أكد جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي في اتصال هاتفي مع أمير قطر رفضهما القاطع لأي انتهاك يمس سيادتها، الجيش الأردني من جانبه نفى بشكل قاطع أن تكون الطائرات الإسرائيلية قد عبرت الأجواء الأردنية لتنفيذ الهجوم، محذرًا من تداول الشائعات.

تركيا وصفت الضربة بأنها محاولة إسرائيلية لتعميق الصراع، فيما دانتها منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

الإدانات الدولية

من العواصم الأوروبية إلى الأمم المتحدة، صدرت إدانات واسعة للهجومن ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا اعتبرت أن استهداف الدوحة يهدد كل الجهود المبذولة لإطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى وقف إطلاق النار.

أما المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فذهب أبعد، واصفًا الاعتداء بأنه “انتهاك صارخ لسيادة قطر وتقويض خطير لفرص إحلال السلام”، داعيًا الأسرة الدولية للتحدث بصوت واحد.

أبعاد عسكرية ودبلوماسية

استهداف قيادات لحماس داخل دولة وسيطة يبرهن على قدرة استخباراتية وعسكرية إسرائيلية، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام مخاطر استراتيجية، فالعملية تقوّض دور الوسيط وتضعف ثقة الأطراف في المسارات الدبلوماسية، كما تثير تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بحماية حلفائها.

على الصعيد القانوني، يمثل القصف خرقًا واضحًا لمبدأ سيادة الدول في القانون الدولي، وهو ما يفسر موجة الإدانات الواسعة.

الخلاصة

الهجوم الإسرائيلي في الدوحة لم يكن مجرد ضربة عسكرية محدودة، بل زلزال سياسي ودبلوماسي قد يغيّر خريطة الصراع، فهو يضع قطر، الوسيط الأبرز، في دائرة الاستهداف، ويحرج واشنطن أمام حلفائها، ويضاعف من التوترات الإقليمية.

ومع تضارب الروايات حول التنسيق الأميركي الإسرائيلي، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تمثل هذه الحادثة بداية لتصعيد أكبر يجر المنطقة إلى مواجهة أوسع، أم أنها ستتحول إلى ضغط جديد لتسريع الوصول إلى تسوية شاملة؟

المصادر: الجزيرة، رويترز، القناة 12 الإسرائيلية، وكالة الأنباء القطرية، وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، وكالة الأناضول، وكالة الأنباء الألمانية، وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، بيانات الأمم المتحدة، ووسائل إعلامية أخرى.

قد يعجبك ايضا