دراما أردنية… بلا دراما!
عمران السكران
كأننا في مشهد طويل من مسلسل لا ينتهي: نقابة الفنانين الأردنيين تطلق صرخة، المسؤولون يعدون بالحل، والنتيجة دائمًا إعادة الحلقة من جديد! اليوم جاء الدور على نقيب الفنانين محمد العبادي ليقولها بصراحة: “نحتاج إلى قرار سياسي”، فالدراما الأردنية لا تعيش أزمة إبداع أو مواهب، بل أزمة قرار وجرأة.
العبادي وصف ما يجري بـ”الظلم”، وأشار إلى أن الفنان الأردني يعيش ظروفًا اقتصادية صعبة، وأن من أصدروا البيان الأخير فئة محترفة لا تملك سوى الفن مصدرًا للرزق.
لكن يبدو أن صناع القرار يعتبرون الفن مجرد “كماليات”، مع أن الدراما كانت دائمًا جزءًا من ذاكرة الأردنيين، ووسيلة لتوثيق تاريخهم وهمومهم.
الغريب أن الأردن، الذي كان سبّاقًا في تقديم أعمال خالدة مثل حارة أبو عواد والعلم نور، صار اليوم يكتفي بمتابعة مسلسلات الجيران، فبدل أن نقدّم قصتنا بلهجتنا، نكتفي بدور المتفرج.
هل يُعقل أن تتحول الدراما الأردنية من صانع للذاكرة إلى مجرد مقعد فارغ في استوديوهات الآخرين؟
المفارقة أن النقابة تؤكد تلقيها وعودًا من الحكومة لم تُنفذ بعد، ربما الوعود نفسها تحتاج إلى مخرج يقرر: هل ستبقى في خانة “المسلسل السياسي الطويل” أم تتحول إلى عمل درامي فعلي على الشاشة؟
القضية أعمق من مجرد إنتاج مسلسل أو اثنين. نحن أمام أزمة رؤية؛ فالثقافة ليست “ترفيهًا”، بل أداة لبناء وعي المجتمع، حين تغيب الدراما، يضعف حضورنا الثقافي العربي، وتضيع الفرصة لتقديم الأردن كما هو: بذاكرته، وشخصياته، ولهجته، ومشاكله.
اليوم، النقابة تقرع جرس الإنذار وتطالب برأس مال مخصص لإنتاج أعمال درامية تكون مرآة للأردن، السؤال البسيط: هل سيبقى هذا الجرس يقرع في الفراغ، أم أن أحدًا سيسمعه أخيرًا؟
ربما حان الوقت أن ندرك أن الدراما ليست ترفًا، بل قضية هوية. ومن يدري؟ لعلنا يومًا نشاهد مسلسلًا أردنيًا جديدًا يروي قصة الفنان نفسه وهو يحاول إنقاذ فنه… قبل أن ينقرض الدور.