حرب غزة تتفاقم .. صفقة ترمب تضع إسرائيل ولبنان واليمن على صفيح ساخن
كتب: محرر الشؤون السياسية
دخلت الحرب في غزة مرحلة أكثر خطورة مع اتساع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد حجم الخسائر الإنسانية، فيما تزامنت التطورات مع مواقف أمريكية مثيرة للجدل أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ومع تصعيد في جبهات لبنان واليمن.
غزة بين المجاعة والتدمير
أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن الوضع في غزة كان كارثيًا حتى قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، محذرة من أن المجاعة تضرب القطاع، وداعية الدول إلى فرض حظر تسليح على إسرائيل وفرض عقوبات على المسؤولين الضالعين في جرائم الحرب.
في المقابل، واصلت قوات الاحتلال عملياتها داخل مدينة غزة، حيث أعلنت عن استهداف مبانٍ متعددة الطوابق قالت إنها تابعة لحركة حماس وتستخدم لجمع المعلومات الاستخباراتية.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الجيش استبدل قوات اللواء السابع واللواء 188 بجنود من قوات الاحتياط، مانحًا القوات النظامية قسطًا من الراحة قبل الاستعداد لمعركة جديدة لاحتلال مدينة غزة، يتخللها تدريبات عسكرية.
ميدانيًا، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني أن الاحتلال دمّر أكثر من 50 بناية بشكل كلي وألحق أضرارًا جزئية بمئة بناية أخرى، إضافة إلى تدمير أكثر من 200 خيمة للنازحين، محذرًا من أن طواقمه أنهكت بفعل كثافة القصف، وواصفًا اليوم بأنه من أصعب أيام الحرب.
كما أكد أن الاحتلال يستهدف مناطق محاطة بالنازحين، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف المجازر.
المصادر الطبية في غزة تحدثت عن 52 شهيدًا منذ فجر اليوم الأحد بينهم 48 في مدينة غزة وشمال القطاع، إضافة إلى سقوط 8 شهداء و85 مصابًا من طالبي المساعدات بنيران الجيش الإسرائيلي شمالي القطاع، فيما سجل سقوط شهيد وعدد من المصابين في قصف استهدف برج “الرؤيا” جنوب غربي مدينة غزة.
تصريحات ترمب والوساطة الأمريكية
من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أنه مستعد لفرض جولة ثانية من العقوبات على روسيا ردًا على التصعيد العسكري في أوكرانيا، مؤكدًا أن الإسرائيليين وافقوا على شروطه في صفقة شاملة لوقف إطلاق النار في غزة تشمل الإفراج عن جميع الرهائن في اليوم الأول، وإلغاء عملية “عربات غدعون 2“.
وترمب حذر أيضا حركة حماس بشكل مباشر قائلاً: “هذا تحذيري الأخير” بشأن تبعات رفض الصفقة، مضيفًا أن الوقت حان لإنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى.
وفي السياق نفسه، كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن المقترح الأمريكي يحظى بقبول مبدئي في إسرائيل، فيما أكد وزير الدفاع السابق بيني غانتس أن رد إسرائيل يجب أن يكون “بنعم واضحة”، مطالبًا المعارضة بدعم المقترح وحتى الانضمام إلى الحكومة لفترة محدودة.
كما أبدت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين دعمها الكامل للمقترح، معتبرة أنه السبيل لعودة الجنود وإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
الساحة اللبنانية
في لبنان، صعّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خطابه ضد حزب الله، مؤكدًا أن “لا خلاص للبنان بوجود سلاح غير شرعي”، مشددًا على أن السلاح جلب الدمار واحتلالًا جديدًا بدل الحماية. وأوضح أن أقصر طريق لإخراج إسرائيل من الجنوب هو قيام دولة فعلية، مضيفًا: “لن نقبل بعد اليوم أن يتحكم فريق بمصير الشعب اللبناني“.
وفي المقابل، أعلن ترمب أنه سيرد لاحقًا على رفض حزب الله تسليم سلاحه، مما يضع الملف اللبناني في قلب التجاذبات الإقليمية والدولية.
التصعيد اليمني
من جانب آخر، أعلن الناطق العسكري باسم جماعة أنصار الله الحوثية عن تنفيذ عملية واسعة بمسيرات استهدفت مطار رامون في جنوب فلسطين المحتلة بشكل مباشر ما أدى إلى وقف الملاحة فيه، إضافة إلى ضرب أهداف عسكرية في النقب وأهداف حيوية في عسقلان وأسدود، مؤكدًا فشل المنظومات الإسرائيلية والأمريكية في رصد بعض الطائرات. والجماعة حذرت شركات الملاحة الجوية من البقاء في مطارات إسرائيل، مشددة على أنها ستواصل التصعيد نصرة لغزة مهما كانت التبعات.
التحركات الإيرانية
في طهران، دعا المرشد الإيراني خلال اجتماع للحكومة إلى تخزين المواد الأساسية لمواجهة المخاطر المحتملة، مؤكدًا وجود إمكانات لتحقيق إجماع وطني. كما أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استعداد بلاده لمفاوضات مع واشنطن في إطار “الاحترام المتبادل”، شرط أن يضمن الاتفاق مصالح الطرفين.
ضغوط وظهور وجبهات مفتوحة
في غزة، تتزايد ضغوط المجاعة والدمار على المجتمع الدولي، ما يفرض عليه مسؤولية التحرك العاجل والجدي لوقف الحرب ووضع حدّ للكارثة الإنسانية المتفاقمة.
أما في إسرائيل، فعلى الرغم من استمرار التصعيد العسكري، إلا أن القيادة السياسية تبدو بصدد دراسة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لصفقة شاملة قد تغيّر مسار الصراع.
ترمب بدوره يسعى للظهور كوسيط قوي، جامعًا بين الملف الغزّي والأوكراني عبر استراتيجية تقوم على المزج بين العقوبات الاقتصادية وعقد الصفقات السياسية.
في لبنان واليمن، تبقى الجبهتان مفتوحتين على احتمالات تصعيد إضافي، الأمر الذي قد يؤدي إلى اتساع رقعة الحرب لتشمل نطاقًا إقليميًا أشمل.
أما إيران، فهي ترسل إشارات مزدوجة، من جهة تستعد لسيناريوهات اقتصادية قاسية نتيجة الضغوط والعقوبات، ومن جهة أخرى تبقي الباب مواربًا أمام التفاوض مع واشنطن.