اكتشاف “عالم صغير” عمره 34 مليون عام تحت جليد القارة القطبية

41

العقبة اليوم – في اكتشاف علمي مذهل، تمكن قمر صناعي كندي من رصد تضاريس مخفية تحت طبقات الجليد في شرق القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، تُقدَّر بأنها تعود إلى أكثر من 34 مليون سنة، أي إلى ما قبل تشكّل الغطاء الجليدي الذي نعرفه اليوم.
المنطقة المكتشفة، والتي تُعادل مساحة دولة ويلز البريطانية، تقع تحت طبقة من الجليد بسمك يقارب كيلومترين، وتظهر فيها علامات واضحة على وجود قاع نهر قديم. الباحث الرئيسي ستيوارت جيميسون من جامعة دورهام البريطانية، وصف الاكتشاف قائلاً: “يشبه العثور على كبسولة زمنية، حيث لا تزال معالم الأرض كما كانت قبل أن تُغطى بالجليد.”
ويُعتقد أن هذا المشهد الطبيعي يعود لفترة ما قبل التجلد، عندما كانت القارة مغطاة بالغابات والأنهار، وكانت لا تزال جزءًا من القارة العظمى غوندوانا التي ضمت أمريكا الجنوبية وأستراليا وأفريقيا.
أهمية هذا الاكتشاف لا تتعلق فقط بالماضي، بل تحمل دلالات حاسمة على مستقبل الكوكب، فمع ارتفاع درجات الحرارة حاليًا، يُمكن لدراسة هذه الطبقات القديمة أن تعطي نظرة عميقة حول كيفية تفاعل القارات الجليدية مع تغيرات المناخ عبر الزمن.
وأضاف جيميسون: “لطالما أردنا فهم شكل الأرض تحت الجليد. ما نراه اليوم هو تضاريس قديمة نحتتها الأنهار قبل أن يبدأ الغطاء الجليدي بالتكوّن.”
بفضل تقنية الرادار المتقدم عبر الأقمار الصناعية، تمكن القمر الاصطناعي من تتبع تغيّرات دقيقة في انحدار الجليد، وأظهرت تحليلات رنين الرادار وجود آثار تآكل سببتها المياه الجارية منذ ملايين السنين، وهي معالم لا تتطابق مع النماذج الطبوغرافية الحالية، مما يدل على نشأة جيولوجية أعمق بكثير.
ويعود تاريخ تشكل الغلاف الجليدي الشرقي لأنتاركتيكا إلى ما يقارب 34 مليون سنة، نتيجة انخفاض في درجات الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون.
ومنذ ذلك الحين، مر الغطاء الجليدي بمراحل من التقدم والانحسار، كما حدث في عصر البلستوسين والبليوسين، مما يجعله نموذجًا مهمًا لفهم تأثيرات تغير المناخ.
تؤكد الدراسة المنشورة في مجلة Nature Communications على ضرورة تكثيف المراقبة في القارة القطبية، خصوصًا في المناطق ذات الارتفاعات المنخفضة، إذ إنها أكثر عرضة للذوبان وبالتالي تُسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر.
ويُختتم التقرير بدعوة صريحة إلى الاستفادة من التقدم التكنولوجي لفهم العلاقة بين ماضي الأرض ومستقبلها، من خلال دراسة هذه الطبقات التي لم تُمس منذ ملايين السنين.

قد يعجبك ايضا